عدالة أمريكية سمراء

انتارا هولدار

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد عرضت على الطلاب في محاضرة ألقيتها عليهم في كلية القانون بجامعة كامبريدج، في أكتوبر 2013، صورة جماعية للمحكمة العليا في المملكة المتحدة، وتحديتهم بأن يكتشفوا الاختلاف، ولقد كانت الإجابة لا تحتاج إلى شيرلوك هولمز، فمن بين 11 قاضياً، كان الجميع بيضاً، باستثناء امرأة واحدة فقط، وكانت المرأة الوحيدة التي لا تقهر، هي البارونة هيل.

وبعد عقد من الزمان، ولحسن الحظ، فإن زملائي على الجانب الآخر من الأطلسي، لم يكونوا بحاجة للعب هذه اللعبة مع طلابهم، فهناك حالياً ثلاث قاضيات في المحكمة العليا، ومن بينهن اثنتان من غير البيض، والآن، الولايات المتحدة تزهو وتفاخر بتعيين قضائي تاريخي مهم يعد قفزة نوعية في مسارها وإصلاحاتها الاجتماعية والتاريخية، وذلك مع بدء القاضية في محكمة الاستئناف الأمريكية، كيتانجي براون جاكسون، وهي مرشحة الرئيس جو بايدن لخلافة قاضي المحكمة العليا المتقاعد، ستيفن بريفر، واجبات ومهام التعيين من قبل مجلس الشيوخ الأمريكي. إن هذا لإنجاز متفرد وهو يكرس قيمة المساواة ودور الأفراد من أصول أفريقية في مسارات الحياة الاجتماعية والقانونية والاقتصادية بأمريكا وسواها.

إن الوصول للحظة الحاسمة من القبول العام، عنصر لا غنى عنه في أي نظام قانوني فعال، ومع ذلك، وبقدر ما تم النظر في الأبعاد النفسية للقانون على الإطلاق، كان التركيز على ما يسميه علماء الاجتماع الجانب «المعرفي» – مخاطبة القانون لمنطق المشاركين - بدلاً من القانون باعتباره «مؤسسة عاطفية»، أي قادر على مخاطبة مشاعر المشاركين، ولاحقاً لمخطط عالم النفس الشهير دانيال كانيمان، يجب أن تخاطب القواعد والمؤسسات القانونية، كلاً من النظام الثاني (التفكير التحليلي والنظري «البطيء»)، وكذلك النظام الأول (التفكير الغريزي والحدسي «السريع»).

إن تركيبة أدمغتنا هي إرث نشأة البشرية، ضمن قبائل صغيرة، وشبكات الأقارب، حيث كانت الثقة تقتصر إلى حد كبير على الفرد في المجموعة، وكنتيجة لذلك، عادة ما يكون لدينا روابط عاطفية أقوى مع الناس الذين «يشبهوننا»، ولكن في ظل ظروف مواتية، يمكن أن تمتد الثقة الشخصية في أحد أفراد المجموعة إلى الثقة غير الشخصية في مؤسسة أكبر.

إن تعيين جاكسون، سوف يمنح الوظيفة المزيج الصحيح من الموضوعية والتعاطف. يعود الفضل إلى جاكسون، في أنها اعتُبرت نخبوية، بفضل تعليمها في جامعة هارفارد، وفي الوقت نفسه، مشبوهة بسبب سجن قريب لها من بعيد، لارتكابه جريمة مخدرات غير عنيفة، كما أن لديها أيضاً سجلاً حافلاً كمحامية معينة من الدولة للدفاع عن المتهمين غير القادرين على دفع تكاليف المحامي، وهذه أول مرة يتم تعيين هكذا شخص في المحكمة العليا.

وكما هو الحال في التلفزيون والسينما والكوميديا، فإن التمثيل الصادق، يؤدي إلى سرد أفضل للقصص. إن فسيفساء وجهات النظر التي تم إدخالها إلى قسم الجامعة، أو قسم التسويق أو قسم الشرطة، من خلال التوظيف الأكثر تنوعاً، ليست مجرد كليشيهات تعكس العمل الإيجابي، بل إن ذلك يشكل الأساس لأداء أفضل، وبالمثل، فإن تعيين جاكسون لشغل مقعد في المحكمة العليا الأمريكية، ليس مجرد سياسة جيدة، بل إنه يوفر الأساس لقضاء أفضل.

لا بد من أن تكون جميع المناهج القانونية محكومة برؤى إنسانية قائمة على الخبرات التاريخية والدراسات الثرية. إننا جميعاً متساوون بالمهارات والإمكانات ويجب أن تتوافر الفرص على قدم المساواة لكافة الأفراد.

 

* محاضرة جامعية في الدراسات القانونية التجريبية بجامعة كامبريدج.

Email