بايدن ومؤشرات الاقتصاد

مايكل جيه. بوسكين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تُـظـهِـر استطلاعات الرأي أن الأمريكيين متشائمون إزاء وضع الاقتصاد الحالي، الذي قَـيَّـمَه %68 منهم سلبياً. ليس من المستغرب أن يركز الرئيس جو بايدن ورفاقه الديمقراطيون على الأخبار السارة ــ انخفاض معدل البطالة وتحسن ميزانيات الأسر ــ بدلاً من التركيز على أكبر نقاط الضعف: التضخم.

كان متوسط معدل التضخم أقل من 2% لأكثر من عشر سنوات، ولهذا لم يُـناقَـش كثيراً، إلى أن ارتفع مؤخراً إلى 7.5% خلال العام الماضي. تشمل الأسباب المباشرة الارتباكات التي طرأت على سلاسل التوريد، ونقص العمالة، إلى جانب الحوافز النقدية والمالية الضخمة. وقد استمر السبب الأخير حتى مع اقتراب الاقتصاد من التشغيل الكامل للعمالة. وكان حجم خطة الإنقاذ الأمريكية التي وضعها بايدن في مارس 2021 ضعف حجم فجوة الناتج المتوقعة للعامين المقبلين، والآن يساور القلق الديمقراطيين عن حق إزاء احتمالات تسبب التضخم المرتفع في إلحاق الضرر بهم في انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس في نوفمبر من عامنا هذا، بل ربما حتى في الانتخابات الرئاسية في عام 2024.

قبل عدة عقود من الزمن، اقترح الخبير الاقتصادي آرثر أوكون «مؤشر البؤس» كمقياس بسيط لحالة الاقتصاد. يعكس مؤشر البؤس مجموع معدل التضخم والبطالة، وهو منطقي بداهة، حيث يتماشى مع تفويض بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المزدوج الذي يتمثل في السعي إلى تحقيق استقرار الأسعار والحد الأقصى من تشغيل العمالة.

ومن ثَـمّ، فعندما ارتفع مؤشر البؤس في عام 1980 إلى 20% (13.5% تضخم بالإضافة إلى 7.2% بطالة)، أنزل رونالد ريجان بالرئيس جيمي كارتر آنذاك هزيمة ساحقة. في بعض الأحيان، يهيمن أحد المكونين، كما هي الحال الآن، حيث يرتفع التضخم وينخفض معدل البطالة بمجموع 11.4%.

لكن مؤشر البؤس ليس مقياساً يمكن التعويل عليه دائماً، ففي عام 1952، فاز دوايت أيزنهاور بعد 20 عاماً من حكم الديمقراطيين، برغم أن المؤشر كان 3.5%، والذي لا يزال أدنى مستوى بعد الحرب العالمية الثانية.

ربما يكون بوسعنا أن نزيد من فعالية صيغة أوكون البسيطة باستخدام نماذج التصويت. يُـعَـد نموذج الاقتصاد القياسي الذي وضعه الخبير الاقتصادي راي سي. فير، من جامعة ييل، أفضل بعض الشيء في التنبؤ بحصة التصويت للحزبين، استناداً إلى عوامل مثل نمو نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي (المعدل تبعاً للتضخم) في آخر فترة، بالإضافة إلى مقاييس مدة ولاية شاغل المنصب وتواتر الأخبار الاقتصادية الجيدة. تشير بعض الرؤى من علم النفس إلى أن الناس يستجيبون للأحداث السلبية بقوة أكبر من استجابتهم للأحداث الإيجابية، ويقدرون الاستقرار وليس التقلبات، ويُـظـهِرون انحيازاً للوقت الحاضر يقودهم إلى إسقاط المستقبل من حساباتهم إلى حد كبير.

من المؤكد أن الأرقام الاقتصادية الرئيسية مهمة، والإحصاءات الجديرة بالثقة مهمة للأسر، والشركات، وصناع السياسات على حد سواء. على حد تعبير رجل الاقتصاد العظيم بول صامويلسون الحائز على جائزة نوبل، فإن الناتج المحلي الإجمالي يُـعَـد أحد «أعظم الاختراعات في القرن العشرين». لكن الحسابات الوطنية تكاد تكون عديمة الجدوى إذا لم يكن من الممكن الوثوق بها. عندما أرسلني الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب إلى موسكو لمساعدة ميخائيل جورباتشوف في إصلاحاته الاقتصادية، سألت المسؤولين في مكتب الإحصاء الحكومي كيف يقيسون الاقتصاد السوفييتي، فأجابوني بخجل بأنهم يحتفظون بمجموعتين من الكتب: ما ينشرونه وما يصدقون أنه الحقيقة.

لا تواجه الولايات المتحدة هذه المشكلة، فمن منظور الخط الأعلى، يُـعَـد نصيب الفرد في ناتجها المحلي الإجمالي بالفعل أكبر كثيراً من نظيره في غيرها من الاقتصادات المتقدمة، أعلى بنحو 50% بعد الضرائب مقارنة بدول الرفاهة الاجتماعية مثل السويد والدنمارك.

 

* أستاذ الاقتصاد في جامعة ستانفورد، وكبير زملاء مؤسسة هوفر، وكان رئيساً لمجلس مستشاري الرئيس جورج بوش الأب للشؤون الاقتصادية خلال الفترة من 1989 إلى 1993.

Email