حماية المجتمع المدني والديمقراطية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما اجتمع زعماء العالم افتراضياً في التاسع والعاشر من ديسمبر في إطار القمة من أجل الديمقراطية التي عقدها الرئيس الأمريكي جو بايدن، تعين عليهم أن يطرحوا على أنفسهم سؤالاً بسيطاً: ماذا يمكننا أن نفعل لمساعدة أكثر أنصار الديمقراطية شجاعة، من أمثال أولئك المحتجين الذين يخاطرون بحياتهم في سبيل الديمقراطية؟

الواقع أن حركة الدفاع عن الديمقراطية واسعة، فمن بيلاروسيا إلى بوليفيا، وحتى في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، يتصدر قادة المجتمع المدني ومنظماته حركات جريئة لمقاومة القمع البنيوي.

من المحزن أن العمل الذي يقومون به شديد الإلحاح. فحول العالم، تتزايد التهديدات التي يتعرض لها قادة المجتمع المدني والمؤسسات الديمقراطية. وتزداد حدة النزعة القومية، والتفاوت بين الناس، والاستقطاب السياسي في مختلف أنحاء العالمة.

في كولومبيا، قُـتِـل 65 ناشطاً في مجال البيئة في عام 2020 وحده. ولا يزال حظر استخدام «تويتر» الذي فرضته الحكومة النيجيرية في يونيو من هذا العام سارياً. وفي أغسطس، قررت الحكومة الأوغندية تعليق عمليات 54 منظمة من منظمات حقوق الإنسان.

تخلف هذه الحملات القمعية، في الديمقراطيات والدول الاستبدادية على حد سواء، عواقب دائمة. فمن خلال تقييد الحريات المدنية ــ بما في ذلك حرية الصحافة، والتجمع، والتعبير ــ والهجوم على المنظمات التي تدافع عنها، تترك الدول حقوقنا ومؤسساتنا عاجزة عن الدفاع عن نفسها.

لهذا السبب، تدق الجهات المستفيدة من المجتمع المدني وشركاؤنا نواقيس الخطر. فالآن أصبحت المنظمات المهتمة بمختلف القضايا وفي مختلف البلدان مستهدفة باستراتيجيات مماثلة، بما في ذلك اتهامات «التدخل الأجنبي».

يجب أن تتوقف هذه الهجمات، فهي لا تهدد حياة وسبل عيش الآلاف من منظمي ونشطاء المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم فحسب، بل وتهدد الديمقراطية ذاتها.

لقد سعت قمة بايدن من أجل الديمقراطية إلى دعم التجديد الديمقراطي، والمشاركة المدنية، والتعاون المتعدد الأطراف. لكن الالتزامات اللفظية وحدها لا تتعدى كونها تعبيراً لفظياً.

في مجال حقوق الإنسان، يعني هذا تعزيز سبل الحماية الدولية والوطنية لحرية التعبير، وحرية التجمع، وبالتالي ضمان حقوق كل فرد في التعبير عن معارضته في مواجهة الاستبداد. في العديد من الدول، يتطلب ضمان حرية التعبير إلغاء قوانين التحريض على العصيان واعتماد قرار رسمي بتجميد إغلاق شبكة الإنترنت.

من الأهمية بمكان أن يعمل قادة العالم على زيادة الاستثمارات بشكل كبير في منظمات المجتمع المدني التي تُـعَـد ضابطاً حاسماً لسلطة الدولة. يتعين عليهم أيضاً أن يتعهدوا بتخصيص موارد ملموسة للمدافعين عن حقوق الإنسان، والصحافيين المحليين، والخدمات الاجتماعية، والمراكز المجتمعية.

هذا يقتضي ليس فقط دعم هذه المنظمات في أوقات الأزمات، عندما تكافح بالفعل لخدمة مجتمعاتها، بل وأيضاً الاستثمار في نموها في الأمد البعيد، وهو استثمار في الحفاظ على كتلة من المواطنين النشطين القادرين على مواجهة حالات الطوارئ في المستقبل.

أخيراً، يجب أن يتحد القادة حول قضية الديمقراطية المشتركة، وأن يتعاونوا بشكل وثيق في إطار شراكات متعددة القطاعات والأطراف. عبر الحكومة، والقطاع الخيري، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني.

إن الـمواطَـنة الـمُـشارِكة قادرة على التحويل. في مولدوفا وماليزيا، على سبيل المثال، ساعدت منظمات المجتمع المدني في إلغاء قوانين «حالة الطوارئ». وقد شارك ملايين الأشخاص في مسيرات احتجاجية رفعت شعار «حياة السود مهمة» في صيف 2020، والتي ربما شكلت أكبر حركة جماهيرية في تاريخ الولايات المتحدة.

بصرف النظر عن أصل النضال أو المسافة التي يقطعها، عندما يجتمع الناس سلمياً للدفاع عن حقوقهم الإنسانية الأساسية، فإنهم يحرزون تقدماً هائلاً نحو ضمان الكرامة، والإنصاف، والعدالة للجميع.

* رئيسة جمهورية شيلي سابقاً، وتشغل حالياً منصب مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان

** رئيس مؤسسة فورد

*** رئيس مؤسسات المجتمع المفتوح

ميشال باشليت *

دارين ووكر **

مارك مالوك براون ***

Email