من أجل ضمان حقوق العمال في العالم

داني رودريك - أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي بكلية جون إف. كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة هارفارد، ورئيس الرابطة الاقتصادية الدولية ومؤلف كتاب «حديث صريح حول التجارة: أفكار من أجل اقتصاد عالمي عاقل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد كانت العقود الأربعة الأخيرة من العولمة والابتكار التكنولوجي بمثابة نعمة بالنسبة لأولئك الذين يتمتعون بالمهارات والثروة والعلاقات اللازمة للاستفادة من الأسواق والفرص الجديدة. لكنّ العُمال العاديين لم يكن لديهم الكثير مما يستحق الابتهاج.

في الاقتصادات المتقدمة، غالباً ما يكون دخل أولئك الذين يتمتعون بمستوى تعليمي أقل ضئيلاً وراكداً على الرغم من تحقيق المكاسب في إنتاجية العمالة الإجمالية. فمنذ عام 1979، على سبيل المثال، ارتفعت تعويضات عُمال الإنتاج الأمريكيين بأقل من ثلث معدل نمو الإنتاجية. فقد ارتفعت مستويات انعدام الأمن وعدم المساواة في سوق العمل، وتم التخلي عن العديد من المجتمعات في ضوء إغلاق المصانع وانتقال الناس للعمل في أماكن أخرى.

وفي البلدان النامية، حيث توقعت النظرية الاقتصادية القياسية أن يكون العُمال المستفيدون الرئيسيون من التوزيع العالمي المُتزايد للعمالة، حصدت الشركات ورأس المال مرة أخرى أكبر المكاسب.

إن تعطل سوق العمل يخلق تحديات هائلة وضغوطاً اجتماعية وسياسية أوسع نطاقاً.

ولكن كيف يمكن للعُمال الحصول على نصيبهم العادل إلى جانب فرص عمل لائقة من شأنها أن تُوفر لهم حياة كريمة؟

تتمثل أحد الأساليب الفعالة في الاعتماد على المصلحة الذاتية المُستنيرة للشركات الكبرى. إن العُمال السعداء والمؤمن عليهم هم أكثر إنتاجية، وأقل عرضة للتوقف عن العمل، وأكثر احتمالاً لتقديم خدمة عملاء جيدة.

وتتلخص الاستراتيجية الثانية لمساعدة العُمال في زيادة القوة التنظيمية للعاملين في مواجهة أصحاب العمل. وقد أيد الرئيس الأمريكي جو بايدن اعتماد هذا النهج بشكل صريح، بحجة أن تقلص الطبقة المتوسطة الأمريكية كان نتيجة لتراجع القوة النقابية، كما تعهد بتعزيز العمل المنظم والمفاوضة الجماعية.

تتمثل الاستراتيجية الثالثة التي تهدف إلى الحد من البطالة في ضمان الطلب الكافي على اليد العاملة من خلال سياسات الاقتصاد الكلي التوسعية. عندما تعمل السياسة المالية على زيادة الطلب الكلي بشكل مُستمر، سيسعى أصحاب العمل إلى البحث عن العُمال - وليس العكس - وقد تظل معدلات البطالة مُنخفضة.

ومع ذلك، على الرغم من قدرة أسواق العمل على مساعدة العُمال، فإنها قد تشكل أيضاً خطر التضخم. علاوة على ذلك، لا يمكن لسياسة الاقتصاد الكلي أن تستهدف العُمال الأقل مهارة أو المناطق التي تشتد فيها الحاجة إلى الوظائف.

وتتلخص الاستراتيجية الرابعة في تغيير هيكل الطلب في الاقتصاد من أجل استفادة العُمال الأقل تعليماً والمناطق التي تعاني ركوداً اقتصادياً على وجه الخصوص.

ويتعين علينا النظر بوضوح في مسألة ما إذا كانت التقنيات الجديدة تُساعد أم تُلحق الضرر بالعمال، وإعادة النظر في سياسات الابتكار الوطنية.

وكما أشار خبراء الاقتصاد مثل دارون أسيموغلو وجوزيف إي. ستيجليتز وأنتون كورينك، فإن اتجاه التغيير التكنولوجي مرن، ويعتمد على حوافز الأسعار والضرائب والمعايير السائدة بين المبتكرين.

وفي نهاية المطاف، يتطلب تعزيز مكاسب العمل وكرامة العمل تعزيز القدرة التفاوضية للعُمال، وزيادة المعروض من الوظائف الجيدة. هذا من شأنه أن يمنح جميع العمال صفقة أفضل ونصيباً عادلاً من الرخاء في المستقبل.

 

Email