الفساد يشن حرباً ضد القانون

إيفا جولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما تحاول محاربة الفساد، يقاومك الفساد. كانت الصحافية الاستقصائية المالطية دافني كاروانا غاليزيا لتخبرك بذلك لولا أنها قُـتِـلَـت على يد شركاء أولئك الذين كانت تحقق في أمرهم. المحامي الرواندي المناهض للفساد غوستاف ماكونيني، الذي خُـنِـق وقُـذِف به من سيارة، هو أيضاً لا يستطيع أن يتحدث الآن. وهذه أيضاً حال الناشط البرازيلي مارسيلو ميغيل ديليا، الذي أُردي قتيلاً بعدة طلقات نارية في حقل لقصب السكر بالقرب من منزله.

كما واجه ضباط شرطة، ونواب عموم، ومسؤولون عموميون عواقب وخيمة لمحاولتهم مكافحة الفساد. أحد هؤلاء المسؤولين إبراهيم ماغو، الذي أصبح في عام 2015 رئيساً بالنيابة لهيئة مكافحة الفساد الرئيسية في نيجيريا، لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية (EFCC). في عام 2017، هاجم مسلحون منزل ماغو، فقتلوا أحد رجال الشرطة المكلفين بحراسته، لكن الرصاص لم يكن السبب الذي أفضى في النهاية إلى تحييد ماغو، بل أُقـيل من منصبه عن طريق «الحرب القانونية»، استخدام (أو إساءة استخدام) القانون لتحقيق غايات سياسية.

وحالياً، يواجه أولانريواغو سوراغو، وهو أحد أبرز الناشطين في مجال مكافحة الفساد في نيجيريا، نمطاً مماثلاً من هجمات الحرب القانونية. في وقت سابق من هذا العام، وجه المدعي العام النيجيري السابق محمد أدوك الاتهام إلى سوراغو بتزوير أدلة في محاكمة فساد نُـظِـرَت في ميلانو بإيطاليا، تتعلق بشركتي النفط شِـل وإيني.

اليوم، يواجه أدوك محاكمة جنائية في نيجيريا بسبب مزاعم حول ارتكاب مخالفات في صفقة OPL 245. لكن هذا أيضاً لم ينفع سوراغو كثيراً، حيث يواجه الآن اتهامات جديدة: التشهير بأدوك وملاحقته عبر الإنترنت.

من ناحية أخرى، في إيطاليا، تجري الآن محاكمة فابيو دي باسكوال، المدعي العام في محاكمة شل وإيني في ميلانو، وزميله سيرغيو سبادارو بزعم حجب الأدلة عن الدفاع. تشمل الأدلة المعنية مقطع فيديو تُـظـهِـر محاضر المحكمة أنه كان في حوزة شركة إيني لسنوات.

الآن يجري استئناف القضية المقامة ضد شركتي شِـل وإيني من قِـبَـل مكتب المدعي العام في ميلانو وجمهورية نيجيريا الاتحادية. ولكن بسبب الاتهامات التي يواجهها دي باسكوال، الذي تمكن سابقاً من إدانة رئيسي وزراء إيطاليين متهمين بالفساد، فمن المرجح أن يُـقـال من منصب المدعي العام الرئيسي في الاستئناف.

هناك سبب يجعلنا نعتقد أن المحاكمة الأولى أيضاً لم تكن نزيهة. منذ صدر الحكم بالبراءة، غمرت الصحافة الإيطالية مزاعم إذا تأكدت فإنها تلقي بظلال كثيفة من الشك على نزاهة الحكم.

ظهرت المخاوف بشأن نزاهة المحاكمة لأول مرة في فبراير 2020. سعى دي باسكوال إلى تقديم إفادة أدلى بها بييرو أمارا، وهو محامٍ خارجي سابق لعدد من مديري شركة إيني، تؤكد أن الشركة أدارت عمليات مراقبة لمدعي العموم، وشهود رئيسيين، وقضاة. لكن طلبه قوبل بالرفض.

زعم أمارا أيضاً، حسب ما ورد، أن محامي شركة إيني تمتعوا بقدرة «تفضيلية» على الوصول إلى القضاة في قضية OPL 245، وهو ادعاء تنفيه شركة إيني. لكن فرانشيسكو جريكو، رئيس مكتب المدعي العام في ميلانو آنذاك، أكَّــدَ أن كلاً من دي باسكوال وسبادارو تعرض «للترهيب»، وكشف عن محاولات «لنزع شرعية المدعي العام في ميلانو».

من الواضح أن الفساد لن يستسلم دون قتال. ومن القنابل والرصاص إلى الأوامر القضائية، سيستخدم ممارسو الفساد والمدافعون عنه ووكلاؤه أي سلاح في متناولهم لتحسين فرصهم. لم يكتفوا بترهيب وقتل النشطاء والصحافيين والمسؤولين، بل يستهدفون الآن سيادة القانون ذاتها.

 

* محامية، وعضو البرلمان الأوروبي سابقاً.

opinion@albayan.ae

Email