خطة عالمية لمواجهة التهاب الجهاز التنفسي

ليث جرينسلاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف فيروس كوفيد 19 عن القدرة المحدودة للأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم في التصدي لجائحة التهاب الجهاز التنفسي. ومع وصول المعدل المسجل رسمياً لحالات الوفيات بسبب كوفيد 19 إلى أكثر من خمسة ملايين، بالإضافة إلى العدد غير الرسمي المقدر بما يصل إلى خمسة أضعاف، أصبحت معاناة النظم الصحية في كل مكان واضحة للجميع.

وما يقل وضوحاً هو كيف أغفل كوفيد 19 العالم عن الحقيقة. إذ لطالما كانت أمراض الجهاز التنفسي السبب المعدي الرئيسي للوفاة على مستوى العالم. وقبل جائحة كوفيد 19، كان يموت سنوياً ما يقدر بنحو 2.5 مليون بالغ وطفل بسبب الالتهاب الرئوي. ولا توجد عدوى أخرى تسبب نفس هذا العدد من الوفيات.

وتحدث الوفيات بسبب الالتهاب الرئوي في جميع البلدان. لذا تعتبر التهابات الجهاز التنفسي «الجزء المفقود» الأهم في جدول أعمال الصحة العالمية. فقبل الوباء، لم تكن هناك حملة صحية عالمية تركز على الحد من وفيات الالتهاب الرئوي، أو وكالة صحية عالمية مسؤولة عن دعم البلدان للوقاية من الالتهاب الرئوي، وتشخيصه وعلاجه.

وحتى «غافي»، تحالف اللقاحات، الذي لديه تفويض بتطعيم الأطفال الأشد ضعفاً في العالم، لم يتمكن من حماية أكثر من نصفهم بأحد أقوى الأسلحة ضد الالتهاب الرئوي- لقاح المكورات الرئوية المقترنة (PCV). وهذا يترك الكثير من الأطفال- أكثر من 350 مليون دون سن الخامسة- معرضين لإصابة بالعدوى بصورة خطيرة.

وحتى ناقوس الخطر الذي قرعته حالتان من تفشي الالتهاب التنفسي، لم تكونا كافيتين لإقناع الحكومات الوطنية، ووكالات الصحة العالمية للتأكيد على السيطرة على الالتهاب الرئوي.

ونتيجة لذلك، لم تكن الأنظمة الصحية في جميع القارات مستعدة للتصدي لفيروس (SARS-CoV-2)، وهو الفيروس المسبب لـكوفيد- 19، وسرعان ما أصبح وباءً.

إننا لا نعرف عدد وفيات كوفيد-19 الناتجة عن عدم توفر التشخيص والعلاج، لكن العديد من البلدان التي لديها أعلى معدلات وفيات كوفيد-19 أبلغت عن معدلات اختبار منخفضة، ونقص في الأكسجين. والآن، وعلى الرغم من توافر اللقاحات الفعالة، لا تزال الحكومات تسعى جاهدة لتقليل عدد الوفيات. يجب أن تصبح جائحة كوفيد-19 نقطة تحول للسيطرة على الالتهاب الرئوي في كل مكان. إذ يجب ألا تعاني البلدان مرة أخرى من وفيات جماعية نتيجة لوباء التهاب الجهاز التنفسي. ويجب ألا تستمر هذه الأعداد الكبيرة من الناس في الموت سنوياً بسبب التهابات رئوية غير مرتبطة بـكوفيد.

ولكن سيحصل ذلك ما لم تحول الحكومات الوطنية خططها التفاعلية للاستجابة للأوبئة إلى استراتيجيات استباقية للسيطرة على الالتهاب الرئوي.

وينبغي لوكالات الصحة والتنمية العالمية مثل الصندوق العالمي، والبنك الدولي، والمرفق الدولي لشراء الأدوية، ومنظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة، تحويل دعم كوفيد- 19 الذي كانت تقدمه إلى البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل إلى برامج طويلة الأجل لمكافحة الالتهاب الرئوي.

وبدون هذا الدعم المستمر، سيظل العالم معرضًا لاحتمال انتشار جائحة عدوى تنفسية أخرى.

 

* منسقة تحالف «كل حياة تهم» الذي يضم أكثر من 50 منظمة تساعد الحكومات على تقليل الوفيات الناجمة عن الالتهاب الرئوي

opinion@albayan.ae

Email