بنية تحتية تنموية خالية من الكربون

جيفري ساكس

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد حدد العالم هدفاً في اتفاقية باريس للمناخ، وهي ما تبني عليه القمم المتلاحقة، كما قمة «غلاسكو»، يتمثل في الحفاظ على الاحترار العالمي في حدود 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي. وأوضح الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ سبب احتساب هذا الهدف منطقياً. إن ارتفاع درجات الحرارة إلى أكثر من 1.5 درجة مئوية من شأنه أن يعرض الحياة على الكوكب للخطر، مع احتمال ارتفاع مستوى سطح البحر لعدة أمتار، وانهيار النظم البيئية المهمة، وإطلاق غاز الميثان بسبب ذوبان التربة الصقيعية، ما قد يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة جامدة. ومع ذلك، فإن المسار الحالي للعالم يشير إلى زيادة كارثية في درجة الحرارة العالمية بمقدار 2.7 درجة مئوية.

وفي وقت سابق من هذا العام، أظهرت وكالة الطاقة الدولية المسار التكنولوجي نحو تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية. ويجب أن نزيل الكربون عن نظام الطاقة العالمي بحلول منتصف القرن. وهذا ممكن من خلال التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة والوقود الأخضر في ما يتعلق بتوليد الطاقة، والنقل، والمباني، والصناعة. وفضلاً عن ذلك، نحتاج أيضاً إلى وقف إزالة الغابات واستعادة الأراضي المتدهورة على نطاق واسع.

وحتى الآن، ما زالت الحكومات تفشل فشلاً ذريعاً في القيام بدورها. فقد جاء على لسان غريتا ثونبرغ عبارة فريدة قالت فيها إنه عليها أن تتجاوز «الكلام». وينبغي أن تحدد الوسائل اللازمة لإزالة الكربون.

أولاً، تحتاج الحكومات إلى التخطيط لنظام الطاقة وتغييرات استخدام الأراضي حتى منتصف القرن. ونظراً لأنه لا تفصلنا عن عام 2050 سوى 28 عاماً، وأمام الحاجة إلى إصلاح شامل لأنظمة الطاقة وممارسات استخدام الأراضي، يجب على الحكومات التخطيط للاستثمارات والسياسات العامة اللازمة. ويجب أن تكتسب القبول والدعم لتلك الخطط من خلال إخضاعها للتدقيق العام، والنقاش، والمراجعة.

ثانياً، يجب على الحكومات سن القوانين.

ثالثاً، يجب على الحكومات أن تمول - على نطاق واسع - بنية تحتية خالية من الكربون، مثل شبكات الطاقة المتجددة الوطنية والإقليمية (على سبيل المثال، ربط الاتحاد الأوروبي وشمالي إفريقيا وشرقي البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط)، بالإضافة إلى كهربة النقل والمباني.

رابعاً، يجب على حكومات الدول الغنية المساعدة على تمويل جهود الدول الفقيرة للقيام بالاستثمارات المطلوبة. ولطالما وعدت الدول الغنية بالقيام بذلك، ولكنها أخفقت في حشد 100 مليار دولار سنوياً - فقط 0.1 ٪ من الناتج العالمي - تعهدت بها أول مرة في عام 2009.

خامساً، يتعين على الدول المتقدمة تعويض العالم النامي عن الأضرار المناخية التي أحدثتها بالفعل، والتي ستشتد في المستقبل.

أخيراً، يتعين على أثرياء العالم، المسؤولين عن كثرة استخدام الوقود الأحفوري في بلدانهم وعلى نطاق عالمي، أن يدفعوا نصيبهم العادل من تكاليف التكيف مع المناخ.

إن الدول الرئيسة المصدرة للانبعاثات مثل أستراليا، والهند، لم تقدم أي تعهد من هذا القبيل، وتظهر الولايات المتحدة علامات على فشل سياسي هائل آخر في معالجة تغير المناخ.

 

* أستاذ في جامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة بجامعة كولومبيا، ورئيس شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.

opinion@albayan.ae

Email