كيشيدا والرأسمالية الجديدة في اليابان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أثناء حملة قيادة الحزب الديمقراطي الليبرالي، وَعَـدَ كيشيدا بتحول في السياسة الاقتصادية بعيدا عن «النيوليبرالية» ونحو «رأسمالية جديدة».

وهو يأمل في خلق حلقة حميدة بين إعادة توزيع الدخل والنمو، زاعماً أن النيوليبرالية خلقت فجوة متزايدة الاتساع بين الأثرياء والفقراء في اليابان.

يريد كيشيدا أن توزع الشركات الأرباح على نطاق أوسع على الموظفين، والعملاء، والمقاولين من الباطن (بالإضافة إلى المساهمين)، وهذا يعني ضمناً التحول من «رأسمالية المساهمين» إلى «رأسمالية أصحاب المصلحة». يتمثل هدفه النهائي في جعل الطبقة المتوسطة مهيمنة مرة أخرى، وعلى هذا فقد اقترح تخفيضاً ضريبياً للشركات التي ترفع أجور ورواتب الموظفين.

يذكرنا برنامج كيشيدا بالخطاب المفتوح الذي أرسله لاري فينك، رئيس شركة بلاك روك، إلى زملائه من الرؤساء التنفيذيين في عام 2018، والذي اختار له عنوان «حِـس الغرض». زعم فينك في خطابه أن «الشركات يجب أن تفيد جميع أصحاب المصلحة، بما في ذلك المساهمون، والموظفون، والعملاء، وكل المجتمعات التي تعمل داخلها».

مع ذلك، تظل تساؤلات كثيرة باقية. هل تتضمن رؤية كيشيدا للرأسمالية الجديدة إقرار مبادئ (البيئة، والمجتمع، والحوكمة)؟ أو أنه مدفوع بحنين إلى أيام الرأسمالية اليابانية الخوالي، عندما كان من المتوقع أن يبقى الموظف في شركة واحدة طوال حياته (على أن تكون الأقدمية الأساس للترقية).

وعندما كان من المتوقع أن تتجنب الشركات الاستغناء عن العمال حتى في ظل الانكماش الشديد أو لغرض إعادة الهيكلة؟ لن يتسنى لنا أن نعرف بأي طريقة قد يقفز رئيس الوزراء الجديد إلا بعد أن يقدم لنا المزيد من التفاصيل حول برنامجه الاقتصادي.

أما عن جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد19)، التي لا تزال تعصف باليابان، فقد دعا كيشيدا إلى زيادة أجور ورواتب العاملين في مجال التمريض، والرعاية، ومعلمي رياض الأطفال.

على النقيض من الحال في العديد من البلدان الأخرى، يمكن تحقيق هذا الهدف إلى حد كبير من خلال العمل الحكومي، لأن الرعاية الصحية، والرعاية الطويلة الأجل، ورعاية الأطفال، قطاعات شديدة التنظيم. ولا شك أن تقديم الدعم الإضافي لهؤلاء العاملين سيحظى بشعبية كبيرة. وتحيط بنظام الرعاية الصحية في اليابان سمعة سيئة بسبب جموده وتنظيمه الخانق.

رغم أن تركيز كيشيدا على إعادة التوزيع هو ما اجتذب معظم الانتباه أثناء الحملة الانتخابية، فإنه لديه استراتيجية للنمو أيضا. فهو يريد زيادة الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا، وتشييد بنية أساسية رقمية في المناطق الريفية المحرومة، وإنشاء سلاسل توريد مرنة، وتعزيز شبكة الأمان الاجتماعي. يتمثل أحد التدابير الملموسة التي اقترحها في إنشاء «صندوق للجامعات» بقيمة 10 تريليونات ين (90 مليار دولار أمريكي تقريباً) لدعم الأبحاث في أرقى المؤسسات.

يغيب عن استراتيجية النمو التي يقترحها كيشيدا بوضوح كلمة «إصلاح». الواقع أن اليابان في احتياج إلى ملاحقة الإصلاحات لتشجيع التحول الرقمي في العديد من الصناعات. في غياب هذا، من الصعب أن نرى كيف قد يتسنى لكيشيدا تحقيق هدف زيادة الإنتاجية. علاوة على ذلك، من الممكن إدارة عمليات إغلاق الشركات أو الاستغناء عن العمالة في الصناعات غير المنتجة والمتدهورة من خلال برامج إعادة التدريب وسياسات شبكات الأمان الانتقالية. وهذه الإصلاحات تتوافق تماماً مع رأسمالية أصحاب المصلحة.

* مساعد نائب وزير المالية الأسبق في اليابان، وأستاذ في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، وكبير أساتذة في المعهد الوطني للدراسات السياسية العليا بطوكيو.

 

Email