بنوك التنمية العامة والتمويل المستدام

مانيش بابنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتطلب مستقبل قادر على التكيف مع تغير المناخ تمويلاً عاماً. ولكن استراتيجيات تمويل العمل المناخي القوية وطويلة الأجل لم تحظ حتى الآن باهتمام كبير. إن أحد السبل التي غالباً ما يتم التغاضي عنها لسد هذه الحاجة هو بنوك التنمية العامة.

ويركز جزء كبير من النقاش بشأن تمويل العمل المناخي على بنوك التنمية متعددة الأطراف. فهي تضطلع بدور حاسم، بيد أنه فقط 450 من بنوك التنمية في العالم، بما في ذلك تلك التي تعمل على المستوى المحلي والإقليمي والوطني وشبه الوطني، يمكنها قيادة سياسات مناخية طموحة على أرض الواقع، وتوفير الجزء الأكبر من التمويل العالمي. وتمثل معاً 2 تريليون دولار من الاستثمارات كل عام - حوالي 10٪ من الاستثمار السنوي العام والخاص في جميع أنحاء العالم. وفضلاً عن ذلك، يتم الحصول على معظم هذه الأموال وتخصص محلياً.

وتتجذر بنوك التنمية العامة هذه في الاقتصادات والمجتمعات حيث تعمل، وتشكل رابطة تربط بين الحكومات الوطنية والمحلية والقطاع الخاص. فهي في وضع جيد لتقديم الدعم التحويلي للممارسات المستدامة والبنية التحتية، من خلال ربط الاحتياجات قصيرة الأجل بالأهداف طويلة الأجل. وفي الواقع، تمثل اليد المرئية التي يمكنها تعبئة التمويل وتوجيهه نحو أهداف مشتركة بعيدة عن متناول السوق في الوقت الحالي.

وتم التركيز على إمكانية التمويل المنسق للعمل المناخي في نوفمبر الماضي عندما اجتمعت جميع بنوك التنمية العامة في العالم، بما في ذلك مجموعة كبيرة من المؤسسات الوطنية، في أول قمة مالية مشتركة.

لدى بنوك التنمية العامة وأصحاب المصلحة فرصة للمضي قدماً في جدول الأعمال هذا عندما يجتمعون في القمة المالية الثانية المشتركة التي تستضيفها كاسا ديبوزيتي إيبريستيتي Cassa) Depositi e Prestiti)، والمقرر عقدها هذا الشهر في روما ضمن إطار برنامج دول مجموعة الـ20. وسيتطلب اغتنام هذه الفرصة القيام بخطوات عدة.

أولاً، يجب على المشاركين التأكد من أن ولاياتهم تعطي الأولوية للعمل المناخي وأهداف التنمية المستدامة على جميع المستويات.

ثانياً، يجب على بنوك التنمية حشد الاستثمار في التنمية المستدامة من الجهات الفاعلة الأخرى في القطاعين العام والخاص، وتمكينه أيضاً.

ثالثاً، يجب أن يستفيد التعاون بصورة استراتيجية من نقاط قوة مختلف منظمات تمويل التنمية. فعلى الرغم من أن بنوك التنمية يمكنها استخدام موارد ميسرة من خلال أدوات مالية مصممة خصيصاً لجذب استثمارات القطاع الخاص، إلا أن هذه الموارد نادرة وغالباً ما تكون متوفرة على المستوى الدولي والمتعدد الأطراف. وأخيراً، ينبغي أن تُختتم القمة الثانية حول التمويل المشترك باتفاق على تعريفات لما يشكل التمويل المستدام. إذ تحتاج بنوك التنمية العامة وحكوماتها وبقية المجتمع المالي إلى وضع معايير مشتركة للاستثمار.

وما يبعث على السرور هو أننا الآن نمتلك فرصة فريدة لإطلاق العنان للموارد اللازمة لدعم اقتصاد شامل ومستدام بعد «كوفيد 19». إذ يوفر الإصدار التاريخي الأخير لصندوق النقد الدولي ما يقرب من 650 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة (حقوق السحب الخاصة، وحدة حساب الصندوق) فرصاً لا ينبغي أن نضيعها. ويجب أن يوجه جزء من هذا التمويل من خلال بنوك التنمية العامة لتحرير الموارد التي يمكن استخدامها لتعزيز الانتعاش بعد الجائحة، وهو انتعاش يركز على العمل المناخي. ويمكن أن يكون لهذه الاستراتيجية تأثير كبير، لا سيما إذا اقترنت بالإصلاحات المقترحة أعلاه.

ويجب على المجتمعات المدنية وبنوك التنمية العامة والقطاع الخاص العمل الآن لتعبئة إمكانات جميع بنوك التنمية العامة والاستفادة من الاستثمارات غير المسبوقة، التي تقوم بها البلدان (أو سوف تقوم بها) لتحفيز اقتصاداتها.

 

* الرئيس والمدير التنفيذي لمجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية.

opinion@albayan.ae

Email