معركة التغير المناخي وتعقيدات «أمن الطاقة»

خافير فيفز

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو أرادت أوروبا تحرير المعركة ضد التغير المناخي من التعقيدات السياسية لأمن الطاقة، يجب عليها أولاً تحقيق مزيج طاقة متوازن في سوق متكامل وهذا يعني أنها لا يمكن أن تتجاهل المساهمة المحتملة للتقنية النووية، كما أشارت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.

بالإضافة إلى ذلك فإن من الضروري وجود سياسة طاقة أوروبية موحدة لشراء وتخزين الغاز، كما من الضروري كذلك وجود استثمارات لتطوير تقنيات جديدة مثل التقاط الكربون والهيدروجين الأخضر، ولكن الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يكون ساذجاً، فالتغير المناخي مشكلة عالمية، ولو تم تعويض تخفيضات الانبعاثات في أوروبا في أجزاء أخرى من العالم، فلن يكون هناك تقدم وسوف تصبح أوروبا في نهاية المطاف أقل قدرة على المنافسة وستكون هناك حاجة إلى ضريبة تعديل حدود الكربون من أجل التعامل مع هذا الشأن. إن للاتحاد الأوروبي سمعة وهي أنه يتصرف فقط عندما يصبح على شفا كارثة، وقد نكون وصلنا إلى واحدة من تلك اللحظات فالشتاء قادم.

إن الصفقة الأوروبية الخضراء تهدف إلى تخفيض انبعاثات غاز الاحتباس الحراري إلى صافي صفر بحلول سنة 2050، وذلك من خلال إجراءات ليس أقلها إزالة الكربون من قطاع الطاقة، ولكن بينما تريد أوروبا أن تتبوأ دوراً قيادياً عالمياً في المعركة ضد التغير المناخي، يبقى السؤال ما إذا كانت أوروبا قادرة على تحقيق هدفها وبأي ثمن، فالمهمة كبيرة جداً والعقبات شاقة.

لقد أظهرت أزمة «كوفيد 19» حجم التغييرات اللازمة لتخفيض استخدام الكربون بشكل كبير، فالمستهلكون والسياسيون يريدون تجنب مثل تلك الصدمة، من خلال التدرج في تأمين أمدادات مستقرة من الطاقة الخضراء الرخيصة. إن السياسة الجيدة والتقدم التكنولوجي سوف يجعل هذا الهدف في متناول اليد، ولكن حالياً هناك مقايضات.

نظراً لأنه يجب فرض ضرائب على الكربون بشكل كاف من أجل حساب العوامل الخارجية المناخية السلبية التي يولدها، فإن هذا يعني أن سعر انبعاثات ثاني أكسيد الكربون يجب أن يرتفع، ما سوف يجعل الكهرباء أغلى. إن هذا الأمر بالإضافة إلى الزيادة في أسعار الغاز الطبيعي جعل الأوروبيين يشهدون زيادة في الآونة الأخيرة في ما يتعلق بأسعار الكهرباء بالجملة. لقد تم التنبؤ بالعواقب السياسية لهذا التطور في ثورة السترات الصفراء في فرنسا 2018 - 2019 والتي كانت رداً على زيادة محدودة فقط في ضرائب الوقود.

يجب على أوروبا استيراد معظم الغاز الطبيعي الذي تحتاج إليه ولكن من أجل ضمان إمدادات مستقرة، فإنها تضع نفسها تحت رحمة بلدان عادة ما تستخدم مواردها من الغاز لأغراض جيوسياسية .

إن الصراع بين الأولويات المناخية والطاقة الرخيصة الآمنة في ازدياد، فالدولة التي يوجد لديها احتياطات من الفحم تستطيع دائماً أن تستفيد من تلك الموارد لتأمين إمداداتها من الطاقة، ومن الأمثلة على ذلك ألمانيا، حيث يمثل توليد الكهرباء عن طريق الفحم نحو 30 % من إمدادات الطاقة وهذا يعود لقرار الحكومة بالتخلص التدريجي من الطاقة النووية بعد كارثة فوكوشيما في اليابان سنة 2011.

إن الارتفاع في أسعار الغاز والكهرباء هذا العام يوضح بما لا يدعو مجالاً للشك أن تحول الطاقة لن يكون عملية سلسة، فالتحديات ضخمة ومن أهمها التغلب على مشكلة المراحل المتقطعة وللتخفيف من تقلب الأسعار، تتطلب مصادر الطاقة المتجددة تقنية احتياطية للعمل كونها بديلاً عندما تكون شدة الرياح أو الشمس منخفضة وعادة ما يقوم الغاز الطبيعي بهذه المهمة- ما يفسّر ارتفاع أسعار الكهرباء- وسيظل هذا هو الحال على الأقل حتى يتم إنشاء مرافق تخزين كهرباء أكثر كفاءة.

* أستاذ الاقتصاد والتمويل في كلية IESE لإدارة الأعمال

opinion@albayan.ae

Email