أمريكا واقتصاد الطاقة النظيفة الحديث

كلير براون - أستاذة في الاقتصاد ومديرة مركز العمل والتقنية والمجتمع في جامعة كاليفورنيا، بيركلي.

ت + ت - الحجم الطبيعي

لعقود من الزمان، امتلكت شركات النفط الكبرى نفوذاً أكبر مما يتمتع به الناخبون الأمريكيون. إن التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي يظهر بشكل لا لبس فيه لماذا يجب تغيير ذلك، علماً أنه من أجل الحفاظ على كوكبنا صالحاً لحياة البشر، يتوجب على الأغلبية الشعبية المؤيدة للعمل المناخي ــ بدءاً من الأمريكيين ــ أن تتحد وأن تطالب الحكومات بالقيام بما هو مطلوب.

يتوجب على المشرّعين الأمريكيين أن يبدأوا بالاستماع للناخبين والهروب من قبضة النفط والغاز وتشريع السياسات التي تعترف بحجم الأزمة المناخية، وهذا يعني خفض انبعاثات مكافئ الكربون في البلاد بشكل كبير جداً، وعلى الرغم من أن الانبعاثات على المستوى الوطني زادت أخيراً بشكل أبطأ من الناتج، إلا أن وكالة الطاقة الدولية تحذّر من أن كثافة انبعاثات الكربون في الاقتصاد الأمريكي لا تزال مرتفعة للغاية، علماً أن هناك حاجة ملحة للتسريع في فصل الانبعاثات عن النمو الاقتصادي.

تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية التقنية والموارد لخلق اقتصاد الطاقة النظيفة الحديث ولكن وبكل بساطة تفتقر للإرادة السياسة علماً أن لهذا الأمر آثارا بعيدة المدى وكأكبر اقتصاد بالعالم وأكبر كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد الواحد، فإن دور الولايات المتحدة الأمريكية سوف يكون حيوياً من أجل نجاح مؤتمر الأطراف 26.

إن التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ لا لبس فيه، فلقد أطلقت البشرية غازات احتباس حراري تكفي لرفع درجة حرارة الجو بما لا يقل عن 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة وهذا سوف يتسبب في تغير مناخي شديد لا رجعة فيه للعقدين القادمين.

لا يزال هناك متسع من الوقت لمنع الاحتباس الحراري الكارثي ولكن هذا سوف يتطلب تخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 80% بحلول سنة 2030 و100% بحلول سنة 2050 وبينما وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش التقرير الأخير بأنه «الإنذار الأحمر للإنسانية»، لا تزال الاستجابة الفعالة غير مضمونة بالمرة.

طبقاً للوضع الحالي فإن تقرير فجوة الانبعاثات لسنة 2020 والذي تصدره الأمم المتحدة سنوياً يظهر أن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا تعمل على تخفيض الانبعاثات بالسرعة الكافية كما أن الدول النامية مستمرة في زيادة انبعاثاتها. ويسارع قادة العالم إلى الاتفاق على أهداف أكثر طموحاً لخفض الانبعاثات أو ما يطلق عليها المساهمات المحددة وطنياً.

إن الخطط التي تتم دراستها حالياً لا تزال غير كافية بالمرة، كما لا تزال الإرادة السياسية اللازمة لإحداث تغيير مفقودة. لقد حذّرت وكالة الطاقة الدولية أنه «يجب جسر الفجوة بين الكلام والعمل لو أردنا أن تكون هناك فرصة لتحقيق صافي صفر انبعاثات بحلول سنة 2050 والحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية بما لا يزيد على 1.5 درجة مئوية. سوف يتطلب النجاح تغييراً شاملاً لأنظمة الطاقة التي تقوم على أساسها اقتصاداتنا».

يريد الأمريكيون سياسات مناخية أقوى، وفي أحد استطلاعات الرأي أشار 53% من الناخبين المسجلين إلى أن الاحتباس الحراري يجب أن يكون من أولويات الحكومة أو على قمة أولويات الحكومة. وذكر 66% منهم أن تطوير مصادر للطاقة النظيفة يجب أن يكون أولوية أو على قمة الأولويات. ولقد أظهر استطلاع آخر للرأي أن حوالي ثلثي الناخبين المحتملين ــ بما في ذلك نصف الجمهوريين تقريباً ــ يعتقدون أن شركات النفط والغاز لديها نفوذ كبير.

إن هؤلاء محقون، علماً أن خلال عقود من الزمان قامت صناعة النفط بعمل دراسات تنطوي على التلاعب، بالإضافة لتمويل حملات تسويق كبيرة من أجل إقناع العامة بأن النفط والغاز «الطبيعي» ضروريان للنمو الاقتصادي ولا يلحقان الضرر بالكوكب.

 

Email