دروس من واقع تفوق الصين الرياضي

شاشي تارور

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن تفوق رياضيي الصين الذي أثمرت عنه نتائج دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو، يعود إلى جملة مشروعات وخطط صينية محكمة ركزت على الارتقاء بالرياضية الوطنية. إذ إن بكين سارعت بعد أي إخفاق في منافساتها الرياضية العالمية إلى الاستفادة والتعويض وتدريب رياضييها ليكونوا جاهزين للتفوق. وبناء على هذا وفي ظل النتائج التي حققتها الهند في هذا الأولمبياد، نرى أنها معنية بشكل كبير في التعلم من تجربة الصين وملزمة بالتركيز على تأهيل رياضييها وفق أعلى المعايير لتحقق التصدر في شتى المنافسات العالمية لاحقاً.

اقترب الصينيون، من النجاح في مهمة السيطرة على الألعاب الأولمبية من خلال الانضباط العسكري التنازلي. فقد تم تحديد الهدف، ووضع البرنامج الملائم لتحقيقه، والموارد الحكومية الهائلة المُخصصة له، وتم الحصول على أحدث التقنيات المُكتسبة، واستيراد المدربين من مختلف بلدان العالم. وعلى النقيض من ذلك، اقتربت الهند من الفوز في أولمبياد طوكيو كما فعلت في الأولمبيادات السابقة، بمزيجها المعتاد من الهواية الودية، وعدم الكفاءة البيروقراطية، والخبرة الضئيلة.

ويجري هذا في حين تنتج الهند التميز الفردي. إن النجاح الفردي في الصين هو نتاج لهذا النظام. يتفوق الهنود أينما يتم منح المواهب الفردية حرية التصرف. لقد أنتجت البلاد علماء في الكمبيوتر والرياضيات وباحثين في مجال التكنولوجيا الحيوية وصناع الأفلام والروائيين من الطراز العالمي. لكنها خلقت تحدياً يتطلب مستويات عالية من التنظيم، والانضباط الصارم، والمعدات المتطورة، والتدريب المنتظم، والميزانيات المرنة.

ربما كان الهنديان الوحيدان اللذان حصلا على لقب بطلي العالم في السنوات الأخيرة هما لاعب بلياردو وخبير في الشطرنج. في طوكيو، فشل الرماة الهنود الأكثر تفضيلاً في الفوز بميدالية واحدة، وذلك بسبب انتكاسات مثل عطل الزناد في مسدس بطل العالم الذي لا يمكن إصلاحه بالسرعة الكافية. وقد رفضت أفضل لاعبة تنس طاولة للسيدات نصيحة مدربها، وتجاهلت المدرب الهندي الرسمي، مما أدى إلى اتخاذ إجراءات تأديبية في حقها.

كما فشلت رامية السهام، المصنفة الأولى على مستوى العالم، في تجاوز جولة التصفيات. في الواقع، تُعد مجموعة المواهب الرياضية في الهند أصغر مما يوحي به عدد سكانها الضخم؛ ففي بلد يتسم بالتحديات الوجودية والمنافسة الشديدة على كل فرصة، يشعر عدد قليل من الأشخاص بالقدرة أو الرغبة في تخصيص الوقت اللازم لإتقان الرياضة. لم يتم تصميم النظام لاكتشاف المواهب الرياضية، والعديد ممن يتمتعون بهذه المواهب يفتقرون إلى الصحة والتغذية والبنية الرياضية الأساسية وموارد التدريب اللازمة لإحداث بصمة عالمية.

في الواقع، هذا ليس أمراً مُفاجئاً. في حين سعت الصين باستمرار إلى تحقيق النجاح في الألعاب الأولمبية منذ عودتها إلى المنافسة الرياضية العالمية بعد سنوات من العزلة، ظلت الهند راضية عن افتقارها للبراعة الرياضية. وقد مارست الصين العديد من الضغوط للحصول على الحق في استضافة الألعاب الأولمبية الصيفية بعد حوالي عقدين من عودتها إلى الألعاب. ومع ذلك، استفادت الهند من نجاحاتها السابقة بعد استضافتها دورة الألعاب الآسيوية عام 1982 في دلهي، ويُنظر إليها الآن على أنها مُتخلفة في المنافسة لاستضافة الألعاب الأولمبية عما كانت عليه قبل أربعة عقود.

* وكيل الأمين العام السابق للأمم المتحدة ووزير الدولة الهندي السابق للشؤون الخارجية ووزير الدولة لتنمية الموارد البشرية، وعضو في المؤتمر الوطني الهندي.

opinion@albayan.ae

Email