مغالطة المخاطر المالية المناخية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الولايات المتحدة، يستعد الاحتياطي الفيدرالي، ولجنة المالية والبورصات، ووزارة الخزانة لدمج سياسة المناخ في التنظيم المالي الأمريكي، باتباع خطوات أكثر جرأة في أوروبا.

المبرر هو أنَّ «مخاطر المناخ» تشكِّل خطراً على النظام المالي. لكن هذا البيان سخيف. إذ يتم استخدام اللوائح المالية لتهريب سياسات المناخ التي لولا ذلك سيتم رفضها باعتبارها غير شعبية أو غير فعّالة.

يُقصَد بمصطلح «المناخ» التوزيع الاحتمالي للطقس - نطاق الظروف والأحداث الجوية المحتملة، إلى جانب الاحتمالات المرتبطة بها.

تعني «المخاطر» ما هو غير متوقع، وليس التغييرات التي يعرف الجميع أنها جارية. وتعني «المخاطر المالية النظامية» إمكانية انهيار النظام المالي بأكمله.

كما حدث تقريباً في عام 2008. ولا يعني ذلك أنَّ شخصاً ما قد يخسر المال في مكان ما بسبب انخفاض بعض أسعار الأصول، على الرغم من قيام محافظي البنوك المركزية بسرعة بتوسيع نطاق اختصاصهم في ذلك الاتجاه.

بلغة واضحة، إذن، فإنَّ «مخاطر المناخ على النظام المالي» تعني تغيراً مفاجئاً وغير متوقع وكبير وواسع النطاق في توزيع احتمالية الطقس، بما يكفي للتسبب في خسائر تنفجر من خلال وسائد الأسهم والديون طويلة الأجل، مما يؤدي إلى نطاق المنظومة على الديون قصيرة الأجل.

وهذا يعني فترة الخمس سنوات أو العشر سنوات على الأكثر والتي يمكن للجهات التنظيمية أن تبدأ خلالها في تقييم المخاطر على الميزانيات العمومية للمؤسَّسات المالية.

على نطاق أوسع، في تاريخ التحولات التكنولوجية، لم تأتِ المشكلات المالية أبداً من الصناعات المتدهورة. لم يكن انهيار سوق الأسهم في عام 2000 ناتجاً عن خسائر في صناعات الآلة الكاتبة والأفلام والتلغراف. كانت شركات التكنولوجيا التي سبقت وقتها قليلاً هي التي أفلست.

إذا كان المرء قلقاً بشأن المخاطر المالية المرتبطة بانتقال الطاقة، فإنَّ الخطر الجديد يكمن مثلاً في سيارة تيسلا، الباهظة الثمن. أكبر خطر مالي هو الفقاعة الخضراء، التي يغذيها الانتعاش السابق من خلال الدعم الحكومي وتشجيع البنك المركزي.

يُعدُّ روّاد النشر اليوم عرضة لتغير النزوات السياسية والتقنيات الجديدة والأفضل. إذا نضبت الاعتمادات التنظيمية أو إذا حلّت خلايا وقود الهيدروجين محل البطاريات، فإنَّ شركة تيسلا سوف تواجه مشكلة.

التنظيم المالي للمناخ هو إجابة تبحث عن سؤال. النقطة المهمة هي فرض مجموعة محددة من السياسات التي لا يمكن تمريرها عبر عملية سن القوانين الديمقراطية المنتظمة أو وضع القواعد البيئية المنتظمة، الأمر الذي يتطلب على الأقل التظاهر بتحليل التكلفة والعائد.

تشمل هذه السياسات سحب تمويل الوقود الأحفوري قبل أن يتم استبداله، ودعم السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات والقطارات وتوربينات الرياح والخلايا الكهروضوئية، وليس الطاقة النووية أو احتجاز الكربون أو الهيدروجين أو الغاز الطبيعي أو الهندسة الجيولوجية أو غيرها من التقنيات الواعدة.

لكن نظراً لأنه لا يُسمَح للجهات التنظيمية المالية بتحديد المكان الذي يجب أن يذهب إليه الاستثمار وما يجب صرفه من الأموال، فإنَّ «مخاطر المناخ على النظام المالي» يتمُّ تكرارها حتى يصدقها الناس، من أجل تحويل سياسات المناخ هذه إلى المنظمين الماليين بتفويضات قانونية محدودة.

يعدُّ تغير المناخ والاستقرار المالي من المشكلات الملحة. فهي تتطلب استجابات سياسية متماسكة وذكية وصحيحة علميّاً وبسرعة.

لكن التنظيم المالي للمناخ لن يساعد المناخ، وسيزيد من تسييس البنوك المركزية، وسيقضي على استقلالها القيم، في حين أنَّ إجبار الشركات المالية على ابتكار تقييمات وهمية لمخاطر المناخ ستدمر التنظيم المالي. الأزمة المقبلة ستأتي من مصدر آخر. وسوف يفشل المنظمون المهووسون بالمناخ مرة أخرى تماماً في توقع ذلك.

* زميل أقدم في معهد هوفر

 

Email