التفاوت بين الناس ولجنة ماكرون

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

من المنتظر أن تتعافى الاقتصادات المتقدمة من جائحة مرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد 19) بسرعة أكبر بالمقارنة بالبلدان منخفضة الدخل. غير أن الاقتصادات المتقدمة تواجه مجموعة مهمة ومترابطة من التحديات في السنوات المقبلة: تغير المناخ، والتفاوت بين الناس، والتكنولوجيات الجديدة، والشيخوخة الديموغرافية، والهجرة. ولن يفي العمل كالمعتاد بالغرض في أي من هذه المجالات، بل يستلزم الأمر اتباع نهج جديد في التعامل مع كل منها.

بينما كانت الجائحة تتسارع في أوائل عام 2020، قرر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنشاء لجنة دولية من خبراء الاقتصاد لتقييم التحديات الأطول أمداً وتقديم الاقتراحات في ما يتصل بالسياسات الواجب انتهاجها. برئاسة كبير خبراء صندوق النقد الدولي السابق أوليفييه بلانشارد ورجل الاقتصاد جان تيرول الحائز جائزة نوبل، ناقشت اللجنة كلاً من هذه القضايا على مدار عدة أشهر. وتمخضت ثلاثة تقارير أعدتها مجموعة فرعية من الباحثين، وصدرت في نهاية يونيو، عن اقتراحات مثيرة للاهتمام.

تولينا إعداد التقرير حول التفاوت بين الناس وانعدام الأمان الاقتصادي. وتُـعَـد فرنسا حالة مثيرة للاهتمام في هذا الصدد، لأنها واحد من الاقتصادات الرئيسة القليلة التي لم تشهد اتساعاً في فجوة التفاوت الإجمالية، قياساً على المؤشرات التقليدية مثل مؤشر جيني. بيد أن الفجوات الاجتماعية الاقتصادية عبر مختلف الطبقات لم تنغلق، ولا تزال مناطق عديدة متأخرة في خلق الوظائف الجيدة والفرصة الاقتصادية، وتظل البطالة بين الشباب شديدة الارتفاع، ويظل الحراك الاجتماعي منخفضاً. تكشف استطلاعات المواقف عن مستويات عالية من انعدام الأمان الاقتصادي، وحس واضح بالظلم في ما يتصل بالترتيبات الاقتصادية القائمة، فضلاً عن قدر كبير من الدعم لسياسات حكومية أكثر فاعلية لمقاومة هذه الاتجاهات.

تتمثل إحدى الطرائق لتعزيز العدالة والحراك الاجتماعي بضمان عدم حرمان الناس لأنهم ببساطة ينتمون إلى أسر أكثر فقراً. يقترح تقريرنا ضريبة ميراث وهدايا موحدة تستند إلى المستفيد على أن تكون تصاعدية في المبلغ التراكمي الـمُـستَـلَـم. بدلاً من فرض ضريبة على تحويلات الثروة عند كل وفاة، يفرض النظام الجديد الضريبة على إجمالي التحويلات التي يتلقاها الوريث، بحيث يكون معدل الضريبة أعلى على أولئك الذين يتلقون المزيد.

لتحقيق هذه الغاية، نقترح آلية وقاية اجتماعية من شأنها أن تعمل على توسيع حق البلدان في التمسك بقواعدها الخاصة ــ كما هي الحال في ما يتعلق بسلامة المنتجات، أو السلامة البيئية، أو الضرائب ــ بحيث يشمل مجال تنظيم سوق العمل. بموجب اقتراحنا، يصبح من الممكن ــ بعد عملية محلية من المداولة والمشاركة اللائقة ــ تقييد الواردات التي أنتجت في ظل ظروف تنتهك حقوق العمال في الخارج وتهدد الوظائف أو ظروف العمل في الداخل. ونحن نزعم أن آلية «مكافحة الإغراق الاجتماعي» من هذا القبيل من شأنها أن تساعد على إعادة الشرعية إلى المنافسة الدولية، من خلال العمل صمام أمان.

رغم أن بعض توصياتنا تخص فرنسا على وجه التحديد، فإن العديد منها (إن لم يكن معظمها) على صلة أيضاً باقتصادات متقدمة أخرى.

* أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي في كلية جون كينيدي في جامعة هارفارد، وهو مؤلف كتاب «حديث صريح حول التجارة: أفكار من أجل اقتصاد عالمي متعقل»

** أستاذ علوم الاقتصاد في جامعة هارفارد

Email