مخاطر النموذج الاقتصادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في العام 1996، أعلن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون «أن حقبة الحكومة الكبيرة قد انتهت»، لكن خطط إنفاق الرئيس الأمريكي جو بايدن والتي تصل لتريليونات الدولارات تشير إلى عكس ذلك تماما وخلف السياسيين يقف أصحاب النظريات السياسية الحريصون على وضع أسمائهم – طبقاً للعبارة العصرية- على «نموذج سياسي» جديد.

إن أنصاراً مثل هذا النموذج لم يستقروا بعد على تصنيف معين لمرحلة ما بعد الجائحة ولكن هناك الكثير من الأفكار السطحية من مثل يتوجب على البلدان «إعادة البناء بشكل أفضل» ولكن فقط بعد «إعادة ضبط جوهرية». لقد كان يتم اعتبار النمو الاقتصادي على انه شيء جيد لوحده ولكن هذه الأيام لا يمكن لأي شركة محترمة أن تذكر النمو الاقتصادي ما لم تضف إليه الصفات التالية «شامل ومنصف ومستدام» (إن بإمكاني تفهم السبب ولكن هل يجب أن يتم استخدام الصفات الثلاث تلك دائماً معاً).

صحيح أن الجائحة قد كشفت عن الكثير من أوجه الضعف الاجتماعية والاقتصادية التي كان يتوجب على الحكومات أن تنشغل بمعالجتها منذ فترة طويلة فهناك قدرات الدولة الضعيفة والبنية التحتية الصحية غير الكافية بشكل كبير وشبكات الأمان الاجتماعية البالية وأسواق العمل المعطلة والقائمة تطول وهي تنطبق على معظم الدول النامية وعدد مذهل من الدول الغنية كذلك. لا يوجد شيء يشبه الأزمة في إيقاظ صناع السياسات النائمين وإبعاد اللاعبين المعترضين الذين يعيقون التغيير.

إذن، بدأت رياح التغيير تهب علينا ولكن في العديد من الحالات فإن هذا التغيير سوف يتطلب دولة أقوى (ليس بالضرورة أضخم) ولكن هل هذا يعني انه يتوجب أن يكون لدينا نموذج جديد؟

لقد كان داني رودريك من جامعة هارفارد محقاً عندما جادل مؤخراً أنه يتوجب علينا الحذر من الاقتصاديين الذين يقدمون لنا نماذج تتعلق بالسياسات. إن مثل تلك الأطر من المفترض أن تنظم التفكير ولكن في كثير من الأحيان فإنها تكون بديلاً عن التفكير.

إن الحرية والاختيار لديهما معان متعددة كان الفلاسفة يجادلون بشأنها على الأقل منذ حقبة الإغريق الكلاسيكية: الحرية إلى أو الحرية من؟ الاختيار لعمل ماذا؟ هل شخص ما يمتلك القليل من الأموال وبتعليم محدود لديه حرية الخيار حقاً كما كان يقول الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل ميلتون فريدمان؟ وفي واقع الأمر فإن مناصري حرية الاختيار اليوم ربما لا يريدون مثل تلك المناقشات القديمة والتي لا تنتهي فهم وبكل بساطة يشيرون لعضويتهم في قبيلة السوق الحر الايديولوجية.

بينما يسعى العالم إلى التحقق من التعافي من أزمة كوفيد-19، فإن الايدولوجيات السياسية والاقتصادية المبسطة لن تؤدي إلى عملية فعالة لصنع السياسات. يتوق رودريك وهو محق في ذلك إلى تفكير اقتصادي غير مبتذل أو يعتمد على سياسات هوية ضيقة وكما قال «إن الجواب الصحيح على أي سؤال يتعلق بالاقتصاد هو»الأمر يعتمد على«و» الظروف مهمة«والشيطان يكمن في التفاصيل.

إن شعارات مثل» لا للتقشف «أو» نعم «لأجر المعيشة» تصلح لوضعها على لافتة ولإطلاق الهتافات بشأنها بينما بيانات مثل «تعتمد السياسة المناسبة على المرونة السعرية وعامل الإمدادات» لا تصلح كشعارات.

إن هناك نكتة قديمة عن رجل ذهب إلى مكتب طبيب نفسي وقال له : أيها الطبيب، أخي مجنون فهو يعتقد انه دجاجة، فأجاب الطبيب لماذا لا تحضره لي حتى أعاينه؟ فرد الرجل قائلا: كنت سأحضره ولكني احتاج للبيض.

إن الايديولوجيات السياسية يمكن أن تكون مجنونة وأولئك الذين يقومون بالترويج لها غالباً ما يتصرفون مثل الدجاج ولكن ما زلنا نشتهي ذلك البيض.

* مرشح رئاسي سابق ووزير مالية سابق في التشيلي وهو يعمل حالياً عميد كلية السياسة العامة في جامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية مخاطر النموذج الاقتصادي

Email