طاقات ومواهب النساء العالمية تعزّز ركائز التنمية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بصفتها رئيسة قسم المساواة بين النوعين الاجتماعيين «الجنسين من حيث التذكير والتأنيث»، ومديرة تطوير ومراقبة اللقاحات، وبرامج الأمراض المعوية والإسهال في مؤسسة بِـل وميليندا غيتس، تُـعَـد أنيتا زيدي واحدة من أصحاب الأصوات الرائدة في العالم، بشأن القضايا التي تؤثر في النساء والفتيات. في شهر مايو/‏‏‏‏أيار من عامنا هذا، تحدثت مع بروجيكت سنديكيت حول الطبيعة التي تتسم بها جائحة مرض فيروس «كورونا» 2019 (كوفيد 19)، وماذا يلزم لضمان التقدم المستمر نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، على الرغم من النكسات طوال العام ونصف العام الأخيرين.

بروجيكت سنديكيت: في شهر نوفمبر/‏‏‏‏تشرين الثاني من عام 2020، أصبحـتِ أول رئيسة لقسم المساواة بين النوعين الاجتماعيين، الـمُـنشأ حديثاً في مؤسسة بِـل وميليندا غيتس. وعندما شرحتِ ما دفعك إلى الاضطلاع بهذا الدور، قُـلتِ إن «السبب الأساسي وراء كثير من الأمراض مرتبط بالفقر، والفقر منحاز جنسياً. وبدون معالجة التفاوت بين النوعين الاجتماعيين، سيتوقف التقدم على جبهتي الصحة والتنمية». فما بعض أهم الطرق التي يؤثر بها الفقر بشكل غير متناسب في النساء، وكيف قد يساعد التقدم على مسار تحقيق المساواة بين الجنسين الاجتماعيين، في انتشال المزيد من الناس من براثن الفقر؟

أنيتا زيدي: لا شك أن الفقر يعمل على توسيع وتعميق أوجه التفاوت القائمة. ويتواصل عدم المساواة بين النوعين الاجتماعيين في كل مكان، لكن التجربة تتشكل من خلال عوامل مترابطة، تنبني على النوع الاجتماعي، وتتجاوز حدوده. وتشمل هذه العوامل الـعِـرق، والطبقة الاجتماعية الاقتصادية، والعمر، والتوجه والإعاقة.

الواقع أن النساء الفقيرات، يتمتعن بحقوق أقل، وسبل حماية أقل، واختيارات أقل. وبصفتي طبيبة، رأيت بنفسي كيف تفوت النساء المواعيد في المستشفيات، لأنهن لا يستطعن الحصول على إجازة من أعمالهن، أو الإذن من أزواجهن لمغادرة المنزل (أحياناً حتى في حالات الطوارئ الصحية)، أو لأن أسرهن تحتاجهن لمهام أسرية غير مدفوعة الأجر. وقد رأيت فتيات مراهقات يتسربن من المدرسة، ليتزوجن، حتى لا يواصلن تشكيل عبء مالي على أسرهن. وأنا أعلم أن العديد من الأمهات يواجهن اختياراً مستحيلاً بين رعاية أطفالهن، والعمل خارج المنزل.

إن المساواة بين النوعين الاجتماعيين، أمر أساسي، لانتشال الناس من براثن الفقر. ونحن نعلم أن تدخلات مثل دعم رعاية الأطفال، والرعاية الصحية الشاملة، ضرورية لضمان رفاهة النساء وآفاقهن الاقتصادية. ومن الممكن أن يسهم الاستثمار الحكومي في النقل، وشبكات الكهرباء، والصرف الصحي، والمياه في دعم النساء، والتخفيف من عبء العمل غير المأجور.

لهذا السبب، كان في القرار الذي اتخذته المملكة المتحدة بخفض مساعدات التنمية، ضربة موجهة إلى جهود الحد من الفقر، وخاصة في ما يتصل بالنساء والفتيات. ويصبح الأمر أشد إيلاماً، نظراً لحقيقة مفادها أن المملكة المتحدة كانت نصيراً للنساء والفتيات في الماضي. وفي وقت، حيث تشير كل الأدلة إلى جائحة ذات أبعاد جنسانية، مع ارتفاع مستويات الفقر بين النساء بشكل حاد، يتعين على المانحين أن يتقدموا، لا أن يتراجعوا.

بروجيكت سنديكيت: ذكرتِ أن رعاية الأطفال يجب أن تُـعامَـل على أنها «جزء حيوي من البنية الأساسية العامة». فما بعض الفوائد ــ الاقتصادية أو غير ذلك ــ المترتبة على الاستثمار في رعاية الأطفال، والتي لا تحظى بالقدر الكافي من التقدير؟

أنيتا زيدي: الاستثمار في رعاية الأطفال، يضمن الفوز للجميع. يوظف هذا القطاع النساء، ويوفر الفرص للنساء لامتلاك أعمال رعاية الأطفال، في حين يعمل في ذات الوقت على تحرير نساء أخريات، وتمكينهن من المشاركة في العمل المأجور، أو الاستفادة من فرص التعليم أو التدريب.

يشير تقرير صادر عن مؤسسة التمويل الدولية، إلى تحسن الإنتاجية والتحفيز لكل من الرجال والنساء، عندما تستثمر الشركات في رعاية الأطفال. وهذا بدوره يسهل على الشركات استئجار الموظفين الموهوبين والإبقاء عليهم.

والاستثمار في رعاية الأطفال، هو أيضاً استثمار في رأس المال البشري. فهو يعطي الأطفال ــ وخاصة الفتيات اللاتي ينتمين إلى مجتمعات مهمشة ــ مزايا مثل التعليم المبكر والتنشئة الاجتماعية التي تعمل على تحسين نتائج تعليمهم، وتنمية مهاراتهم، وتعزيز إمكانات دخلهم في المستقبل.

كما يؤدي الاستثمار في رعاية الأطفال، إلى تحسين النتائج الغذائية لصغار الأطفال.

بروجيكت سنديكيت: كيف يمكننا تغيير العقول والمواقف حول إمكانات النساء الاقتصادية، وخاصة في المجتمعات، حيث القيم الأبوية الراسخة؟

أنيتا زيدي: أولاً، فتش عن المال. هناك وفرة من الأدلة التي تثبت أن تمكين النساء اقتصادياً، يعود بالفائدة ليس على النساء وحسب، بل وأيضاً أطفالهن وأسرهن ومجتمعاتهن، والاقتصاد في عموم الأمر. ونحن نعلم أنه كلما ازداد القدر الذي تتحكم فيه النساء من دخل الأسرة، زادت احتمالية الاستثمار في تعليم الأطفال، وانخفاض معدلات زواج الأطفال، وانحسار العنف القائم على النوع الاجتماعي.

تشكل النساء ما يقرب من 50 % من خمسة مليارات شخص في سن العمل على مستوى العالم، لكن نصفهن فقط يشاركن في قوة العمل، مقارنة بنحو 80 % من الرجال. أظهرت منظمة العمل الدولية، أن تقليص الفجوات بين النوعين الاجتماعيين في المشاركة في قوة العمل، من الممكن أن يعزز الناتج المحلي الإجمالي العالمي بشكل كبير. وكلما كانت الفجوة أكبر، ازدادت الفوائد المترتبة على سدها.

ثانياً، يتعين على صانعي القرار والقادة، أن يلتزموا بإحداث تغيير ذي مغزى في السياسات والتمويل، وأن يتعهدوا بالمتابعة إلى النهاية. في نهاية يونيو/‏‏‏‏حزيران، سيجمع منتدى جيل المساواة بين الحكومات، وممثلي القطاع الخاص والمجتمع المدني، للتعهد باتخاذ تدابير طموحة ومحددة، بما في ذلك ما يتصل بالعدالة الاقتصادية والحقوق الاقتصادية، لتعزيز المساواة بين النوعين الاجتماعيين. ونأمل أن يبدأ المنتدى عملية متعددة السنوات، فيؤسس منصة، ويرسم مخططاً يُـحَـمِّل القادة المسؤولية، ويدفع التقدم الأسرع نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

بروجيكت سنديكيت: لقد ساعدت في إنشاء برنامج WomenLift Health، الذي يسعى إلى تعزيز التنوع في القيادة الصحية العالمية. فكيف يمكن تأطير هذا الهدف في السياقات المحلية لتحسين العدالة الصحية والنتائج الصحية؟

أنيتا زيدي: النساء عبارة عن مُـجَـمَّـع من المواهب غير المستفاد منها، وغير المستغلة بالقدر الواجب. نحن جميعاً نتخذ قرارات أفضل، عندما نعمل مع فرق متنوعة، تجلب مجموعة من التجارب ووجهات النظر الحية إلى الطاولة. وقد أثبتت الأبحاث حول حوكمة الشركات، فوائد التنوع مراراً وتكراراً، وكل الدلائل تدعونا إلى الاعتقاد بأن نتائج مماثلة تنطبق في مجالات أخرى أيضاً. يجب أن يكون القادة شبيهين بالمجتمعات التي يخدمونها، على المستويين المحلي والعالمي.

* مديرة تطوير اللقاحات، والمراقبة، وبرامج الأمراض المعوية والإسهال في مؤسسة بِـل وميليندا غيتس

Email