أهمية ضمان صحة المرأة في ظل الجائحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسبب فيروس كوفيد 19 في العديد من الخسائر للعديد من الناس. ولكن لا يمكننا السماح له بأن يتسبب في خسائر أخرى من خلال حرمان المرأة من الخدمات الصحية الكاملة والإنجاب. لجميع النساء الحق في العيش بأمان، مع سهولة الوصول إلى الأدوية التي يحتجن إليها لاتخاذ قرارات قوية ومستقلة مبنية على الحقوق الأساسية المكفولة.

في أبريل/‏‏‏‏ نيسان من هذا العام، نشر صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA)، ووكالة الصحة والإنجابية التابعة للأمم المتحدة تقريراً يمثل طبعة رائدة من تقريرنا السنوي عن حالة السكان في العالم. من خلال هذا التقرير، نتتبع الصلة بين الصحة الإنجابية والحقوق الكاملة للمرأة، وهو مبدأ أساسي لتقرير مصير المرأة وتمكينها.

ومن المُنطلق نفسه، فإن أي خسارة للاستقلالية للمرأة على خياراتها وحياتها تتضاعف بسرعة فائقة. ووفقاً للتقديرات الأخيرة لصندوق الأمم المتحدة للسكان ومؤسسة «أفينير هيلث»، فإن ما يقدر بـ12 مليون امرأة في 115 دولة منخفضة ومتوسطة الدخل قد واجهن اضطرابات في خدمات تنظيم الأسرة في العام الأول للجائحة، ما أدى إلى نحو 1.4 مليون حالة حمل غير مقصود. إن مثل هذه النتائج - التي تُعد سبباً في زيادة وفيات الأمهات وحالات الإجهاض غير الآمن - هي من أقوى مظاهر فقدان الاستقلالية المبنية على معايير الحقوق الموضوعية.

تتمثل نقطة مضيئة واحدة في هذه الأرقام بأن أشد الاضطرابات في تنظيم الأسرة حدث في وقت مبكر من اندلاع الجائحة وكان في الغالب قصير الأجل. ومن جانبه، عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على توفير وسائل منع الحمل وغيرها من لوازم الصحة الإنجابية في البلدان حيث تشتد الحاجة إليها.

وفي الوقت نفسه، توصلت العديد من الأنظمة الصحية إلى تدابير مُبتكرة لضمان الوصول المستدام لخدمات مُماثلة. وعلى الصعيد العالمي، انخفضت النسبة المئوية للبلدان التي أبلغت عن حدوث اضطرابات مرتبطة بالجائحة في خدمات تنظيم الأسرة ومنع الحمل من 66 ٪ في عام 2020 إلى 44 ٪ في عام 2021. وقد ساهمت الجهود المتضافرة التي يبذلها المسؤولون الصحيون والحكومات والجهات المانحة في التخفيف إلى حد كبير من وقوع كارثة بالنسبة للنساء. وفي بعض الحالات، تم تنفيذ الحلول بسرعة كبيرة لدرجة أن النساء لم يُدركن حتى أن صحتهن وحقوقهن والإنجابية كانت مُعرضة للخطر.

بطريقة ما، هذا ما ينبغي أن يكون. وقد وضع المؤتمر الدولي للسكان والتنمية في عام 1994 برنامجاً مشتركاً للصحة والإنجابية. وفي قمة انعقدت في نيروبي بعد 25 عاماً، تعهدت الحكومات والشركات والنُشطاء الشباب والنساء والمؤسسات الخيرية وغيرها بالتزامات جريئة لإنهاء أوجه القصور في مجال تنظيم الأسرة، ووفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، والعنف القائم على النوع الاجتماعي والممارسات الضارة الأخرى ضد النساء والفتيات.

وقد مكن هذا الدعم الدولي صندوق الأمم المتحدة للسكان من تنفيذ برامج الصحة والإنجابية في أكثر من 150 دولة. ومنذ عام 2008، أنقذت الأدوية ووسائل منع الحمل التي تم توفيرها من خلال شراكات الإمدادات عدداً لا يحصى من الأرواح ومنعت ما يقرب من 90 مليون حالة حمل غير مقصود.

ولكن لا يمكننا أن نكتفي بذلك. تُعد هذه المكاسب ضئيلة للغاية، ولا يزال التمويل مُهدداً بسبب التداعيات الاقتصادية للجائحة. لقد غيرت العديد من البلدان أولويات الإنفاق والخدمات الخاصة بها؛ وقد تأثرت بعض برامج صندوق الأمم المتحدة للسكان بتخفيضات كبيرة في معدل الإنفاق في المملكة المتحدة - وهي واحد من أقدم وأقوى شركاء المنظمة.

* المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان

Email