تدابير ملحة وإصلاحات عاجلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تُحقق قمة مجموعة السبع شيئاً لم يكن من الممكن تحقيقه بتكلفة أقل بكثير، في قمتها هذا العام، وعلى نحو أكثر سهولة وروتينية بواسطة تطبيق زووم Zoom للتواصل. على سبيل المثال، كان الاجتماع الدبلوماسي الأكثر فائدة هذا العام هو اجتماع الرئيس جو بايدن عبر الإنترنت مع 40 من قادة العالم في أبريل لمناقشة تغير المناخ. والحق أن الاجتماعات الدولية الروتينية عبر الإنترنت من قبل السياسيين، والبرلمانيين، والعلماء، والناشطين تُعد ممارسة مهمة. فهي تسهم في تطبيع فكرة المناقشات الدولية.لكن لماذا يجب أن تحدث هذه المناقشات داخل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، التي حلت محلها مجموعة العشرين؟ عندما بدأت دول مجموعة السبع (كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة) عقد اجتماعات قمتها السنوية في السبعينيات، كانت لا تزال تلك الدول تهيمن على الاقتصاد العالمي.

تمثل مجموعة العشرين، بضمها الصين والهند وإندونيسيا ودول نامية كبيرة أخرى، نحو %81 من الناتج العالمي، وتوازن بين مصالح الاقتصادات ذات الدخل المرتفع والاقتصادات النامية المشاركة فيها. وهي ليست مثالية، لأنها تستبعد البلدان الأصغر والأفقر، وينبغي أن تضم الاتحاد الأفريقي عضواً فيها، لكنها تقدم على الأقل صيغة مثمرة لمناقشة موضوعات عالمية تغطي معظم الاقتصاد العالمي. في الواقع، بإمكان القمة السنوية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن تحقق الكثير مما هدفت مجموعة السبع في الأساس إلى تحقيقه.

فقدت مجموعة السبع أهميتها بشكل خاص لأن قادتها لا يوفون بوعودهم. فهم يحبون الإدلاء ببيانات رمزية، ولا يهتمون بحل المشكلات. والأسوأ من ذلك، أنها تعطي إيحاءً بأنها تقدم حلولاً لمشكلات عالمية، بينما في الواقع، تتركها لكي تتفاقم. ولم تكن قمة هذا العام مختلفة عن سابقاتها.

لم يقدم قادة مجموعة السبع أي خطة لتحقيق هدفهم المعلن فيما يتعلق بالتغطية العالمية، وفي الواقع، لم يطوروا خطة من الأساس، على الرغم من سهولة تحقيق ذلك. حيث إن تقدير الإنتاج الشهري لكل لقاح من لقاحات «كوفيد 19» عملية واضحة ومباشرة، وتخصيص هذه الجرعات على نحو عادل وفعّال لجميع البلدان أمر ممكن تماماً.

أحد أسباب عدم تطوير مثل هذه الخطة حتى الآن هو أن حكومة الولايات المتحدة ترفض الجلوس مع القادة الروس والصينيين لوضع استراتيجية لمثل هذا التوزيع العالمي.

إذن، ما الذي تقترحه مجموعة السبع في بيان هذا العام؟ يقترح القادة «هدفاً يتمثل في ضم 40 مليون فتاة إلى نطاق التعليم، وتخصيص ما لا يقل عن 2.75 مليار دولار للشراكة العالمية من أجل التعليم». هذه ليست أرقاماً حقيقية. هذه أرقام أتت من الفراغ، وستترك مئات الملايين من الأطفال خارج نطاق التعليم، على الرغم من الالتزام الراسخ لدول العالم (المنصوص عليه في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة) بتعميم التعليم الثانوي. وعلى الرغم من وجود حلول واسعة النطاق - مثل جمع تمويل منخفض الفائدة من بنوك التنمية متعددة الأطراف - إلا أن قادة مجموعة السبع لم يقترحوا مثل هذه الحلول.

باختصار، مشكلات هذا العالم ملحة للغاية بدرجة لا تسمح بأن نتركها لمواقف ظاهرية فارغة، وتدابير لا تمثل سوى قشور مما هو مطلوب لتحقيق الأهداف المعلنة. إذا كانت السياسة مجرد رياضة للمشاهدة، يستند الحكم فيها إلى مدى براعة السياسيين في خطف الأضواء، فربما تجد قمة مجموعة السبع دوراً تلعبه. لكننا بصدد احتياجات عالمية ملحة: القضاء على الجائحة، وإزالة الكربون من نظام الطاقة، وإلحاق الأطفال بالمدارس، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

* أستاذ في جامعة كولومبيا، ومدير مركز التنمية المستدامة في جامعة كولومبيا، ورئيس شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة

Email