تميّز التنمية التقنية في بنغلاديش

ت + ت - الحجم الطبيعي

نجاحات تنموية مهمة حققتها بنغلاديش في السنوات الأخيرة، جديرة بالاحتفاء، فمثلاً ساعد الظهور المبكر لرواد الأعمال التقنيين من القاعدة الشعبية في بنغلاديش على نشر تقنية الاتصالات في المجتمعات الريفية ذات الإلمام المحدود بالقراءة والكتابة وربما هذا يفسّر النمو الكبير في معدل الاشتراك في الهاتف النقال في بنغلاديش خلال العقدين الماضيين (من 0.2 إلى 101.6 لكل مائة من السكان) .

وبينما تحتفل بنغلاديش بالذكرى الخمسين لتأسيسها هذا العام، فإن لديها الكثير مما يدعوها للاحتفال فتقدمها في مجال التنمية البشرية كان استثنائياً مقارنة بجاراتها في جنوب شرق آسيا، كما أن النمو الاقتصادي المستدام فيها قد أدى إلى انخفاض الفقر المدقع لأسباب ليس أقلها أن الإدخال المبكر للهواتف المحمولة على مستوى القاعدة الشعبية، قد ساعد في تحديث الاقتصادات الريفية التي لم تكن مرتبطة ببعضها البعض في السابق، وبالإضافة إلى ذلك أصبحت بنغلاديش أكثر مرونة وصلابة في مواجهة الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والبراكين، كما تحسّنت قدرة الدولة كذلك على إدارة الأزمات.

إن الحلقة الحميدة للتنمية في بنغلاديش بمساعدة التنقية تنبع من عقود من التعاون المستدام بين الدولة والمنظمات غير الحكومية، مع التركيز على المبادرات من قاعدة الهرم إلى أعلاه، من أجل تمكين رائدات الأعمال. لقد أعطى هذا النموذج أيضاً البلاد ميزة غير متوقعة في إدارة التأثير الاقتصادي لجائحة «كوفيد 19».

على الرغم من أن العديد من الدول النامية قد طبقت سريعاً برامج جدية لتحويل المبالغ النقدية استجابة للجائحة لم تكن كل تلك البرامج فعّالة بشكل متساوٍ في الوصول للفقراء. واستخدمت الدولة الأموال من خلال الهواتف المحمولة لجسر الهوة المزدوجة في الوصول إلى التقنية الرقمية والبنوك الرسمية.

ولقد أنهت الحكومة أخيراً الممارسة التي استمرت لفترة طويلة والمتعلقة بتحويل الأموال ضمن برامج شبكة الأمان للحسابات البنكية للمنتفعين وعوضاً عن ذلك يغطي مزودو الخدمات المالية من خلال الهاتف النقال 98% من مشتركي الهواتف المحمولة في البلاد. إن 80% من المستخدمين تقريباً يعيشون ضمن كيلو متر واحد (0.6 ميل) من وكيل للخدمات المالية من خلال الهاتف النقال والمتواجد في البقالات المحلية ونقاط إعادة شحن الهواتف النقالة.

إن قطاع الاتصالات الديناميكي في بنغلاديش هو نتاج استراتيجية تنموية شاملة.

لو لم تقم بنغلاديش بتبني مقاربة طويلة الأمد للتنمية التقنية وبدلاً من ذلك اعتمدت فقط على التمويل الرقمي والتقليدي لتقديم الخدمات العامة، لكانت التقنيات الجديدة مثل الأموال من خلال الهاتف المحمول قد جعلت العديد من المواطنين غير قادرين على الاستفادة منها خلال الجائحة وعلى البلدان الأخرى التي تسعى لحلول قائمة على التكنولوجيا لتعزيز التعافي لفترة ما بعد الجائحة – ليس أقلها الاقتصادات النامية الآسيوية والأفريقية التي تضم ملايين الأشخاص «غير المتعاملين مع البنوك» - الاستثمار مبكراً في البنية التحتية الاجتماعية. تقدم بنغلاديش وهي تحتفل بالذكرى الخمسين لتأسيسها برنامج عمل لكيفية عمل ذلك.

* أستاذ في الاقتصاد التنموي في جامعة مالايا في كوالالمبور وهو رئيس كتلة جنوب شرق آسيا في منظمة العمل العالمية.

Email