مسؤوليتنا تجاه جنوب آسيا

كيفن رود - رئيس وزراء أستراليا الأسبق، ورئيس جمعية آسيا.

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش ما يقرب من ربع تعداد البشرية في شبه القارة الهندية. من السهل أن تُغفل هذه الحقيقة في أي مكان آخر، حيث يركز قادة العالم على مكافحة موجات جائحة «كوفيد 19» ومتغيراتها الجديدة داخل بلدانهم. لكن عندما يحين الوقت الذي يُـطلِق فيه أحفادنا حكمهم على هذه اللحظة من التاريخ، فلن يتذكروا عمليات الإغلاق وأقنعة الوجه وبرامج التطعيم فحسب، بل سيتذكرون الهند وجيرانها أيضا.

سيتذكرون كيف عُثر على بقايا بشرية منتفخة ومتحللة على ضفاف نهر الغانج؛ وكيف اضطر الناس إلى أن يتركوا الجثث في الحرارة خارج محارق الجثث، بسبب نقص الخشب في المحارق الجنائزية. وسيتذكرون كيف عانت المستشفيات من نقص الأكسجين والأدوية وأسرّة المستشفيات، بينما اصطف الناس خارج أقسام الطوارئ والعيادات متوسلين شخصاً لإنقاذ أحبائهم.

في جمعية آسيا، نستمع إلى روايات شبه يومية من الأصدقاء والزملاء الذين فقدوا أقاربهم. يقول أحد أعضاء شبكة القادة الشباب في آسيا 21: «توفي أحد أعمامي مساء أمس. وآخر في اليوم السابق. ووالد أحد الأصدقاء في الأسبوع الماضي. كل من أعرفهم فقدوا شخصاً».

يوجد بالفعل الكثير من هذه القصص، والآن تنتشر هذه المأساة عبر حدود الهند. في نيبال، حيث يُصاب واحد من بين كل اثنين من المواطنين بالفيروس، تتضاعف المصاعب>

في حين تكشف هذه الصور المُقربة عن كارثة إنسانية تتوالى فصولها، تُظهر الصورة الإجمالية للمشهد أن الأمور ستزداد سوءاً مع امتداد هذه الموجة القاتلة دون رادع إلى المناطق الريفية في شبه القارة الهندية، حيث تتفاقم نُدرة المرافق الطبية الأساسية. وبصفتنا أفراداً في عائلة الإنسانية، ومواطنين في ديمقراطيات يدافع بعضها عن بعض عندما تدعو الحاجة إلى تقديم المساعدة، علينا جميعا أن نتحرك؛ حكومات، وشركات، ومواطنين عاديين. وكلما أسرعنا في ذلك، زاد عدد الأرواح التي من الممكن أن ننقذها.

في الواقع، مساعدة جنوب آسيا ليست الفعل الصحيح الذي يجب القيام به فحسب؛ بل إنها تصب في مصلحتنا الذاتية أيضا. فلا شك أن الانتشار الواسع النطاق للفيروس في أي مكان آخر من شأنه أن يؤدي إلى ظهور المزيد من المتغيرات المميتة التي تهددنا جميعا. إذن، ما الذي يمكننا عمله؟

لنبدأ بالتطعيم: نحتاج إلى حقن ما لا يقل عن مليار ذراع بأسرع ما يمكن. وفقاً لموقع Our World in Data، فحتى الآن لم يتلق سوى أقل من 10٪ من المواطنين في كل دولة من دول جنوب آسيا (باستثناء بوتان) جرعة لقاح واحدة على الأقل. لذا لا بد من حقن أذرع جديدة لتسريع الأمور.

لتحقيق هذه الغاية، ينبغي لبقية العالم أن ينضموا إلى الولايات المتحدة وأكثر من 100 دولة أخرى في دعم إقرار تنازل مؤقت من جانب منظمة التجارة العالمية عن حماية الملكية الفكرية للقاحات.

كما يتحتم على البلدان التي لديها إمدادات زائدة من اللقاحات - لا سيما في العالم المتقدم - أن تتقاسم هذه الثروة. وعلى نفس القدر من الأهمية، ينبغي بذل المزيد من الجهد لمواجهة آفة المعلومات المضللة. أخيراً، أمامنا مشكلة أخرى تتمثل في نقص الأكسجين - الأسطوانات، والمكثفات، والناقلات المبردة.

سيساعد شحن الناقلات المبردة وأسطوانات الأكسجين إلى جنوب آسيا في إنقاذ حياة أولئك المهددين بخطر نقص الأكسجين، وليس «كوفيد 19» ذاته. وفي هذا الصدد، تستطيع البلدان المتقدمة ذات القدرة الإنتاجية الهائلة أن تساعد بطرق تفوق إمكانيات المنظمات غير الحكومية المحلية، ويجب عليها أن تُقدم هذه المساعدة.

في نهاية المطاف، هذه الجائحة، والإرث المتمثل في استجابتنا العالمية لها، يقعان على عاتقنا جميعا. كل جيل يواجه تحديات كبيرة وصغيرة، وهذا هو التحدي الذي نواجهه. وما لم نتمكن حقاً من حماية الأفراد في كل مكان عن طريق إيقاف الفيروس وإبطاء وتيرة طفراته، فربما نجد أنفسنا في مواجهة خطر استمرار الجائحة إلى الأبد.

 

 

Email