تصميم أنظمة بيانات الأراضي المفتوحة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في الشهر الماضي، ألقي القبض على وزير سابق في حكومة زيمبابوي بتهمة بيعه لأراضٍ تابعة للدولة بصورة غير قانونية. وقبل ذلك بأيام قليلة، أدانت محكمة ماليزية الرئيس السابق لوكالة تنمية الأراضي المملوكة للدولة بالفساد. وفي يناير، انهارت الحكومة الإستونية بسبب مزاعم عن ضلوعها في الفساد العقاري. وسلطت كل هذه الأحداث الأخيرة الضوء على التهديد المتنامي والمهمَل الذي يشكله الفساد المرتبط بملكية الأراضي.

ويمكن أن يزدهر هذا الفساد في البلدان غير المستعدة لإدارة الطلب المتزايد على الأراضي، الذي يصاحب النمو الاقتصادي والسكاني. فإدارة الأراضي في هذه البلدان- المؤسسات، والسياسات، والقوانين، والسجلات الخاصة بإدارة حقوق الأراضي واستخدامها- متخلفة، مما يقوض أمن حقوق المواطنين في الأراضي، ويمكّن الأشخاص الذين يتمتعون بصلات قوية من الاستيلاء السري على الأراضي.

وفي غانا، على سبيل المثال، تحتفظ الحكومة بسجلات أراضٍ لحوالي 2 ٪ فقط من المزارع النشيطة حالياً؛ أما ملكية النسبة المتبقية فهي غير موثقة إلى حد كبير. وفي الهند، كانت هذه السجلات، حتى وقت قريب، تُحفظ غالباً في أكوام غير منظمة في المكاتب الحكومية.

وفي ظل هذه الظروف، يصبح الفساد سهلاً نسبياً ومربحاً. فعلى أي حال، عندما يكون حفظ السجلات غير موجود أو فوضوي، من يستطيع أن يحدد بثقة المالك الشرعي لقطعة من الأرض؟ وكما ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، ومنظمة الشفافية الدولية، في تقرير قبل عقد من الزمن، «حيث تكون إدارة الأراضي ضعيفة، غالباً ما يزدهر الفساد حتى يصل إلى مستويات عالية». وهذا الفساد «منتشر ولا توجد وسيلة فعّالة للسيطرة عليه».

وعلى الصعيد العالمي، أفاد واحد من كل خمسة أشخاص أنه دفع رشوة مقابل الحصول على خدمات الأراضي. وفي أفريقيا، يعتقد شخصان من كل ثلاثة أشخاص أنه من المحتمل أن يدفع الأغنياء رشاوى، أو يستخدمون علاقاتهم للاستيلاء على الأراضي. ويمكن أن يؤثر عدم اليقين بشأن حقوق الأرض أيضاً على أمن الإسكان - يقول حوالي مليار شخص في جميع أنحاء العالم أنهم يتوقعون إجبارهم على إخلاء منازلهم خلال السنوات الخمس المقبلة.

وحتماً، الفئات المهمشة والهشة من الناس هم الأشد تضرراً، سواء أرامل طُردن من منازلهن من قبل المضاربين، أو مجتمعات بأكملها تعرضت للإخلاء القسري من قبل مطوري العقارات. كما يؤجج ضعفُ حقوق الأراضي والفساد، الصراعَ داخل المجتمعات كما هو الحال في كينيا، حيث تعِد الأحزاب السياسية أنصارها بأراضٍ في حيازة آخرين في محاولة لكسب الأصوات.

ولكن هناك ما يدعو للأمل. إذ توفر الثورة المستمرة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات فرصاً غير مسبوقة لرقمنة سجلات الأراضي وفتحها. إن القيام بذلك من شأنه أن يوضح حقوق ملكية الأراضي لمئات الملايين من الناس على مستوى العالم، ويحد من نطاق الممارسات الفاسدة.

ولا تعمل الحقوق القوية المتعلقة بملكية الأراضي، والمدعومة من المؤسسات القوية على تعزيز أمن الإسكان فحسب، بل تعزز أيضاً الآفاق الاقتصادية للبلدان، لأنها تُكسب الناس الثقة حتى يستثمروا في الأراضي والشركات، ويمكن للشركات والأفراد استخدام الأراضي لضمان الحصول على الائتمان. وفضلاً عن ذلك، تمكن الحقوق الآمنة الحكومات من زيادة الإيرادات من خلال تحصيل الضرائب العقارية. وعندما يكون من السهل الوصول إلى سجلات الأراضي لفحصها، يمكن مساءلة الحكومات، ويمكن حماية حقوق الملكية والاستخدام بسهولة أكبر، وتصبح أسواق الأراضي أكثر عدلاً وديناميكية.

ونظراً لمزايا سجلات الأراضي الرقمية المفتوحة التي يمكن الوصول إليها، ليس غريباً أن تقوم العديد من البلدان حالياً، بما في ذلك الهند، وبنغلاديش، وسريلانكا، وموريشيوس، برقمنة سجلات أراضيها، أو أن تكونا قد أكملتا هذه العملية أخيراً. ويمكن للحكومات الأخرى التي تسعى إلى الحد من الفساد وجعل التنمية أكثر شمولاً، أن تتبع أربع توصيات - مستقاة من تقرير جديد صادر عن وكالة التنمية الألمانية (جيز)، وندوة عبر الإنترنت ذات صلة بشأن بوابة الأراضي - لتوثيق سجلاتها الخاصة، ورقمنتها، وفتحها.

أولاً، يجب التحقق من سجلات الممتلكات الحالية وتحديثها قبل الرقمنة. فلن تؤدي رقمنة السجلات الورقية غير الدقيقة أو غير المكتملة، الموجودة في العديد من الإعدادات إلا إلى استمرار المشكلة.

ويجب على واضعي السياسات ضمان المشاركة النشطة للنساء والفئات المحرومة. إذ في حين أن النظام الذي يصُب في مصلحة المستضعفين سيصب أيضاً في مصلحة الأشخاص ذوي الصلات القوية، فإن العكس غالباً ما يكون غير صحيح. ويجب أن تلعب هذه المجموعات المحرومة دوراً نشطاً، ليس فقط في جمع البيانات (لبناء الثقة والملكية)، ولكن أيضاً في إنشاء نظام سجلات الأراضي نفسه، وتطويره.

وفضلاً عن ذلك، لزيادة الشفافية ومحاربة الفساد، يجب أن تكون بيانات الأراضي مفتوحة بصورة افتراضية. ويجب تبرير أي استثناءات بوضوح على أنها ضرورية لحماية المستضعفين. وعلى الرغم من أن مثل هذا النهج قد يكون محفوفاً بالمخاطر، إلا أنه يمكن إدارة هذه المخاطر، على سبيل المثال من خلال إتاحة أسماء المالكين المعرضين للخطر فقط للموظفين الحكوميين فوق رتبة معينة.

وأخيراً، يجب أن تكون الأنظمة مناسبة للغرض والسياق. إذ لا ينبغي أن تملي الإمكانيات التكنولوجية الحالية وحدها تصميم أنظمة بيانات الأراضي المفتوحة؛ بل يجب على الحكومات تحديد أهدافها وأولوياتها، وإنشاء نظام للبيانات المفتوحة للأراضي لتلبية احتياجاتها. ومن المهم أيضاً إدراك أهمية السياق - فما ينجح في سياق ما قد لا ينجح في سياق آخر.

ومن المؤكد أن أنظمة بيانات الأراضي المفتوحة ليست رصاصة سحرية. فهي لا تضمن لا الشفافية ولا المساءلة. ولكن يجب على الحكومات التي تفكر بأسلوب تقدمي أن تعتمد هذه الأنظمة في الحسم في عملية القضاء على الفساد، وحماية حقوق الأرض لجميع أفراد المجتمع.

* الرئيس التنفيذي لمؤسسة تشاندلر، والمؤسس المشارك لـلانديزا وحائز على جائزة Skoll Social Entrepreneur.

Email