تأثير متنامٍ للناخب الأمريكي الهندي

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعيداً عن العناوين الرئيسية الكبرى التي تحيط بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، يجتذب تطور غير ملحوظ إلا قليلاً الانتباه في الهند وبين المنظرين الاستراتيجيين للحملات الانتخابية الأمريكية، بفضل التأثير المتزايد للجالية الهندية الأمريكية في الولايات المتحدة ــ وإن كانت تشكل بالكاد 1 % من جمهور الناخبين ــ أصبح من المستحيل أن تتجاهل أقدم ديمقراطية في العالم أكبر ديمقراطية في العالم.

يشكل الأمريكيون الهنود ثاني أكبر مجموعة مهاجرين في الولايات المتحدة، وهي بين الأسرع نمواً ــ بنسبة تقارب 150 % على مدار العقد الأخير. وهم أيضاً أكثر ثراءً وأعلى تعليماً من أي مجموعة عِرقية أخرى، حيث يقترب الدخل المتوسط من ضعف المتوسط الوطني (الذي يقدر بنحو 100 ألف دولار في عام 2015). وكانوا نشطين سياسياً بشكل ملحوظ، كناخبين، ومنظمي حملات، ومانحين، ومرشحين. وفي العقدين الأخيرين، كان اثنان من حكام الولايات، وعضو في مجلس الشيوخ الأميركي، وخمسة أعضاء في مجلس النواب، والآن مرشحة لمنصب نائب الرئيس، أمريكيين من أصل هندي.

لا عَـجَـبَ أن كلا الحزبين الرئيسيين يغازلان بنشاط الناخبين الأمريكيين الهنود، الذين يقيم عدد كبير منهم في الولايات المتأرجحة المحتملة، مثل تكساس، وميتشجان، وبنسلفانيا.

على الجانب الديمقراطي، احتضنت كامالا هاريس من ولاية كاليفورنيا، المرشحة لمنصب نائب الرئيس على تذكرة بايدن، جذورها صراحة، مستخدمة مصطلحاً من لغة التاميل لوصف عماتها الهنديات في خطاب قبول الترشيح في أغسطس. وقد أسهبت في الحديث عن أسلافها الهنود، فضلاً عن قيامها بزيارات إلى جدها والمحادثات التي دارت بينهما خلال جولات المشي على شاطئ البحر في تشيناي. علاوة على ذلك، نظم المشاهير الأمريكيون الهنود الحملات بحماس شديد لصالح تذكرة بايدن-هاريس.

من جانبه، رد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على ترشح هاريس بإعلان انتخابي يظهر فيه رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي امتدحه بسخاء طوال فترة ولايته الأولى.

أنشأ الجمهوريون منظمة تابعة للحملة الانتخابية تحت مسمى «أصوات هندية من أجل ترمب»، فضلاً عن مجموعات فرعية عديدة لاستهداف الناخبين الأمريكيين الهنود من الهندوس والسيخ والمسلمين بشكل منفصل. ومؤخراً رتب المسؤولون عن حملة ترامب لتولي مرشحهم رئاسة حفل تجنيس نادر في البيت الأبيض ضم مهندسة برمجيات هندية المولد ترتدي الساري الهندي.

دفع كل هذا الاهتمام بعض المراقبين إلى اقتراح أن الأمريكيين الهنود، الذين يميلون تقليدياً إلى الديمقراطيين، ربما يحولون دعمهم إلى ترامب في هذه الانتخابات. من المؤكد أن قدراً متواضعاً من إعادة الاصطفاف حدث مقارنة بالحال قبل ثماني سنوات، عندما صوت 84 % من الناخبين الأمريكيين الهنود لصالح إعادة انتخاب باراك أوباما. مع ذلك، وجد استطلاع حديث للرأي أجرته مؤسسة YouGov (يوغوف) أن 72 % من الناخبين الأمريكيين الهنود يدعمون بايدن، وكما خلصت دراسة حديثة، «لا يزال الأمريكيون الهنود مرتبطين بقوة بالحزب الديمقراطي، مع قِـلة من المؤشرات التي قد تدل على تحولهم نحو الحزب الجمهوري».

الأمر لا يخلو من خطوط صدع أكبر تنشأ داخل المجتمع الأمريكي الهندي. فعلى الرغم من النفوذ الجماعي القوي الذي يتمتع به المغتربون الهنود، فإنهم منقسمون بشدة بفِـعل الإيديولوجية، والدين، والعمر، وتاريخ الهجرة، بل وحتى الطبقة.

إذا فاز بايدن، فإن وجود كامالا هاريس في الإدارة سيضمن عدم التغافل عن الهند، ناهيك عن نسيانها. لكن هذا الاهتمام يسير في الاتجاهين. من المحتم أن تشكل هاريس صوتاً قوياً لصالح الديمقراطية وحقوق الإنسان في عموم الأمر.

* وكيل الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية ووزير الدولة لتنمية الموارد البشرية في الهند سابقاً.

Email