تأثيرات عالمية للانتخابات الأمريكية

سيغمار غابرييل - وزير خارجية ألمانيا الأسبق وزعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ورئيس مجلس إدارة أتلنتيك بروك.

ت + ت - الحجم الطبيعي

على عكس رحلة جول فيرن حول العالم في 80 يوماً، ستكون رحلة العالم الحديث خلال الثمانين يوماً المقبلة شاقة أكثر من كونها مغامرة، لكنها ستتوج بحدث له تداعيات عالمية وتاريخية.

في أقل من ثلاثة أشهر، ستجري الولايات المتحدة الانتخابات الرئاسية التاسعة والخمسين التي تجري كل أربع سنوات. نظرًا إلى أن أمريكا لا تزال البلد الأقوى على الصعيدين الاقتصادي والعسكري من منافسيها الرئيسيين (روسيا والصين) مجتمعين، فإن انتخاباتها تُشكل أهمية كبيرة على مستوى العالم. ولكن لم يسبق للانتخابات السابقة أن شكلت مثل هذا التهديد الحاد لبقية العالم.

ستنتج الانتخابات الوشيكة تأثيرات عالمية كثيرة. و يمكن أن تدفع إلى أزمة دستورية عميقة وطويلة الأمد.

من شأن أعمال الشغب والنهب من النوع الذي شهدناه أخيرًا في مدينتي بورتلاند وشيكاغو أن تساعد بعض الجهات على المستوى السياسي في ربح الموقف وانتهاج استراتيجية ذكية. لقد كان بالفعل على استعداد لنشر قوات وزارة الأمن الداخلي في وسط مدينة بورتلاند لترهيب مجموعات صغيرة نسبيًا من المتظاهرين (السلميين في الغالب). كانت النتيجة المتوقعة (وربما المقصودة) توسع الاحتجاجات وتصاعد العنف.

إن استخدام الموارد الفيدرالية لترهيب السكان يغذي أيضًا رواية ترامب القائلة بأنه لا يمكن إجراء الانتخابات بنزاهة وهدوء دون التلاعب بها من خلال تزوير الانتخابات من قبل خصومه. إن صور الميليشيات اليمينية المُسلحة التي تظهر في الاحتجاجات السلمية هي نذير لما ينتظر البلاد هذا الخريف.

لعل هذه النسخة من الولايات المتحدة، التي امتدت انقساماتها الداخلية بشكل متزايد إلى سياستها الخارجية، تُشكل أكبر تهديد أمني يواجه بقية العالم اليوم. تُعد أمريكا ببساطة أكثر أهمية على الصعيد الاقتصادي والسياسي والعسكري من أن تأخذ استراحة أو، الأسوأ من ذلك، أن تصبح مفسدًا لا يمكن التنبؤ به في الصراعات العالمية، بسبب حاجة حكومتها للعب مع الدائرة الانتخابية المحلية الضيقة.

يمكن للمرء أن يأمل فقط أن تسفر الانتخابات عن فائز حاسم في كل من الهيئة الانتخابية وفي التصويت الشعبي. ومع ذلك، حتى في ذلك الوقت، قد يستغرق فرز النتائج النهائية بعض الوقت، وذلك نظرًا للزيادة الهائلة المتوقعة في التصويت بالبريد.

كل بطاقة اقتراع تحتوي على ختم بريدي بتاريخ 2 أو 3 نوفمبر (حسب الولاية) ستعتبر صالحة، مما يعني أن النتيجة النهائية لن تكون معروفة إلا بعد يوم الانتخابات. خلال فترة عدم اليقين هذه، قد تحاول أي من الجهتين أو كلتيهما إعلان النصر بناءً على عدد الأصوات الحالي.

في جميع الأحوال، لن يكون على الرئيس الانتظار في المكتب البيضاوي لأيام أو أسابيع لتلقي الحصيلة النهائية. في المقابلات التي أجراها أخيرًا، أصدر بالفعل بيانات غامضة تشير إلى أنه لن يغادر البيت الأبيض إذا خسر في الانتخابات الرئاسية، في الواقع، يبدو أنه يستعد بنشاط لمثل هذا السيناريو. إذا كان الأمر كذلك، ستواجه القوة العظمى الرائدة في العالم أزمة دستورية طويلة الأمد - وقد تكون مستعصية.

لقد ارتكب التحالف الغربي القديم للدول الصناعية والديمقراطية العديد من الأخطاء في السنوات الأخيرة، أدت إلى تقويض سمعته الدولية. لكن لا توجد مؤسسة أكثر أهمية لجاذبية الغرب الأوسع من انتخابات حرة ونزيهة. إذا لم يعد الزعيم الفعلي السابق للغرب قادرًا على التمسك بهذا المبدأ، فقد يختار باقي العالم أنظمة سياسية أخرى.

 

 

Email