الحرب التجارية والسياسات القاسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الرجل الحكيم يبني الجسور، أما الأحمق فيبني الجدران». كان هذا هو الرأي الذي انتشر على كل صفحات المقالات الافتتاحية في الصحف الصينية الأسبوع المنصرم، عندما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 25% على ما قيمته نحو 50 مليار دولار من السلع الصينية. عندما يتعلق الأمر بالتجارة، جاء رد الصين فورياً بطبيعة الحال، ففرضت رسوماً جمركية على ما قيمته 50 مليار دولار من الواردات من الولايات المتحدة، تماماً كما ترد كندا، والاتحاد الأوروبي، والمكسيك، على التعريفات التي فرضتها الولايات المتحدة على الواردات من الصلب والألومنيوم. والواقع أن مثل هذه النزاعات من شأنها، إذا استمرت في التصاعد، أن تلحق الأذى بالناس في مختلف أنحاء العالَم، وخاصة المستهلكين والشركات والعمال في الولايات المتحدة.

لكن الولايات المتحدة ليست وحدها في ملاحقة سياسات تخون القيم التي طالما اعتنقتها، ففي إيطاليا، بدأت الحكومة الشعبوية اليمينية الجديدة تستهدف السكان الغجر، وكان وزير الداخلية ماتيو سالفيني يصدر أوامره بإبعاد السفن التي تحمل المهاجرين الذين يجري إنقاذهم من الغرق. ومن جانبها، تبنت المجر للتو ما يسمى «قانون امنعوا سوروس»، الذي يقضي بتجريم أي جهد يقوم به أي فرد أو منظمة غير حكومية لمساعدة مهاجر غير شرعي في طلب اللجوء. وقد سمي هذا القانون على اسم جورج سوروس، رجل المال المجري المولد، ومؤسس مؤسسات المجتمع المفتوح.

كل هذا يسلط الضوء على أزمة عميقة في القيادة الأخلاقية، التي قد تحدث من الضرر قدراً لا يقل عن الضرر الذي قد تحدثه الهجرة الخارجة عن السيطرة، أو حتى الحرب التجارية، فإضافة إلى السياسات القاسية التي تعمل على تمكينها، تهدد هذه الأزمة بتشجيع الحكومات، لأنها تجعلها تبدو معقولة، بل حتى جديرة بالثقة.

* أستاذ العلاقات الدولية في جامعة نيو سكول

Email