التقدم الصيني نحو الاقتصاد الأخضر

ت + ت - الحجم الطبيعي

صادف كثيرون من زوار بكين مؤخراً مفاجأة سارة تمثلت في سمائها الزرقاء الصافية التي حلت محل الضباب الدخاني. وجزئياً، يعكس الهواء الأنظف حالياً سياسات قاسية: فقد جرى نقل المصانع المسببة للتلوث بعيداً عن العاصمة وغيرها من المدن الكبرى، وفي بعض الأحيان، أُغلِقَت أنظمة التدفئة التي تعمل بإحراق الفحم قبل توفير مرافق الغاز البديلة.

بيد أن التغيير في بكين يعكس أيضاً فهماً متزايداً في الصين لحقيقة مفادها أن الاقتصاد الأخضر الحقيقي لا يَعِد بتحسين جودة الحياة فحسب، بل يساعد أيضاً على خلق فرص هائلة للقيادات التكنولوجية والسياسية.

تُعَد الصين الآن، بالأرقام المطلقة، الدولة الأكثر إطلاقاً للانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحراري الكوكبي، وهي تمثل أكثر من 25% من إجمالي الانبعاثات العالمية. وحتى من حيث نصيب الفرد في الانبعاثات، تجاوزت الصين للتو المتوسط في الاتحاد الأوروبي، في حين لا تزال عند نصف مستوى الولايات المتحدة.

الواقع أن التقدم الصيني المعجل نحو الاقتصاد الأخضر من الممكن أن يحقق ميزة سياسية كبيرة أيضاً. إذ يطمح الرئيس الصيني شي جين بينج إلى تحويل الصين إلى نموذج اقتصادي واجتماعي جذاب يقتدي به آخرون، لاغتنام الفرصة التي خلقها تشويه الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسمة الأميركية لتعزيز «القوة الناعمة» الصينية. صحيح أن العديد من سمات النظام السياسي الصيني تعرقل هذا الهدف، لكن الصين من الممكن أن تصبح زعيمة تحظى بقدر كبير من الاحترام والإعجاب في الكفاح ضد تغير المناخ العالمي.

لا ينبغي لنا أن نفاجأ إذا أثبتت سماء بكين الزرقاء الزاهية خلال عقد من الزمن كونها بشيراً بالزعامة التكنولوجية الصينية في جوانب الاقتصاد الأخضر كافة. ولا ينبغي لنا أن نُصدَم إذا تبين لنا أن التزام شي جين بينج ببناء «حضارة إيكولوجية» أكثر من مجرد كلمات فارغة.

 أدير تيرنر رئيس معهد الفِكر الاقتصادي الجديد ويشغل حالياً منصب رئيس لجنة تحولات الطاقة

Email