مرض السكري.. المشكلة المزمنة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يحذر الاتحاد الدولي للسكري من أن عدم الاتجاه لتغيير نمط الحياة جذريًا قد يؤدي إلى إصابة ربع سكان المنطقة بالمرض بحلول عام 2035. ويشير الفونس جرابوش، مستشار الرعاية الصحية المقيم في الإمارات، إلى أن هذا الرقم مرشح لأن يزداد كثيرًا.

منذ مطلع القرن، ساهم الازدهار الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي في زيادة معدلات السمنة بين سكان هذه الدول بالتوازي مع زيادة الدخل. وقد أدى هذا المزيج من الدخل المرتفع وحب الأغذية المصنعة وانخفاض معدلات ممارسة الرياضة إلى وصول معدلات مرض السكري في البلاد إلى أعلى مستوياتها حول العالم.

ويحذر الاتحاد الدولي للسكري من أن عدم الاتجاه لتغيير نمط الحياة جذريًا قد يؤدي إلى إصابة ربع سكان المنطقة بالمرض بحلول عام 2035. ويشير الفونس جرابوش، مستشار الرعاية الصحية المقيم في الإمارات، إلى أن هذا الرقم مرشح لأن يزداد كثيرًا، مؤكداً أن معدلات انتشار المرض في بعض دول مجلس التعاون الخليجي يمكن تصل إلى 50 في المائة في غضون عشر سنوات.

ووفقًا لرأي ويزلي شوالييه، الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة الأبحاث العربية تحسين للاستشارات: »إذا لم يكن ثمة تدخل، قد يفضي مرض السكري إلى تحديات اجتماعية واقتصادية هامة من شأنها أن تؤثر على الأفراد والأسر والشركات والمجتمع ككل«.

وأضاف سهيل محمود الأنصاري، رئيس مجلس إدارة مركز إمبريال كوليدج لندن للسكري والمدير التنفيذي لوحدة مبادلة للرعاية الصحية في أبوظبي، قائلًا:

»غالبًا ما يحتاج المريض الذي يعاني من مرض السكري الحاد وما يتبعه من ظروف معقدة إلى رعاية. أضف إلى ذلك، أن المريض لا يعود جزءاً من منظومة القوى العاملة التي يمكن أن تسهم في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، كما أنه يؤثر سلبًا على القدرة التنافسية للبلاد التي تحتاج إلى توافر القوى العاملة الصحية القادرة على الانتقال في اقتصاد اليوم القائم على العولمة والتنافسية«.

وتشير تقارير الاتحاد الدولي للسكري إلى أن تسعة في المائة ممن يعانون من مرض السكري حول العالم يعيشون في منطقة الشرق الأوسط، كما أن الحكومات الإقليمية تنفق حاليًا 2.5 في المائة فحسب من إجمالي ميزانية الصحة المخصصة لمرض السكري حول العالم. وحذر شوالييه قائلًا، »إذا لم يكن هناك اتجاه لزيادة ميزانيات علاج مرض السكري، ستخاطر دول مجلس التعاون الخليجي بقدرتها على علاج جميع من يعانون من هذا المرض«.

وشدد التقرير الذي صدر مؤخرًا عن وحدة الاستخبارات الاقتصادية تحت عنوان »مرض السكري في الخليج« على الحاجة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في الرعاية الصحية، وتحديدًا الاستثمار في الرعاية الصحية الأولية.

»يجب بذل المزيد من الجهد. فمن ناحية، هناك حاجة إلى ضخ المزيد من الاستثمارات لرفع مستوى الرعاية الصحية في الخليج وصولًا إلى مستويات الدول المتقدمة. ومن ناحية أخرى، المجال متسع في بعض دول الخليج لتوسيع نطاق نظم الرعاية الصحية الأولية وتحسينها.

ومع ذلك، اعترف التقرير بأن الإصلاح ليس بالضرورة شرطًا مسبقًا لنجاح العلاج، والوقاية منه. على المدى القصير، يمكن تنفيذ بعض التدابير على وجه السرعة وبتكلفة قليلة، مثل الخضوع للفحص. علاوة على ذلك، يمكن العثور على أسباب الإصابة بمرض السكري خارج النظام الصحي، وليس داخله.

أثناء القمة التي انعقدت في قطر في ديسمبر 2014، وافق قادة دول مجلس التعاون الخليجي على خطة محدثة للسيطرة على الأمراض غير المعدية في منطقة الخليج. وقال البروفيسور توفيق خوجة، المدير العام للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة لدول مجلس التعاون الخليجي، إن خطة 2014-2025 »تمثل أعلى مستوى من الالتزام السياسي من جانب قادة دول مجلس التعاون الخليجي لمكافحة هذا الوباء«.

وفي محاولة أخرى للحد من انتشار المرض، عقد الاتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية اتفاقية تعاون في عام 2013 للعمل معًا على معالجة مرض السكري من خلال السياسات المشتركة في دول مجلس التعاون الخليجي.

وتشير منظمة الصحة العالمية إلى معظم هذه السياسات باسم »أفضل ما يمكن الحصول عليه«، على سبيل المثال، الحد من تناول الملح في الطعام، وزيادة الضرائب على التبغ والكحول، وتعزيز الوعي العام حول النظام الغذائي والنشاط البدني.

البرامج الوطنية.

وتضمنت إجراءات الحكومة الوطنية محاولات تنظيم التعاون بين مختلف الأطراف المعنية مثل وكالات الصحة العامة والمنظمات الاجتماعية والقطاع الخاص، لتعزيز نشر المعلومات حول عوامل الخطر، والاكتشاف المبكر من خلال الفحص، والوقاية من خلال تغيير نمط الحياة، وتقديم الدعم لإدارة المرض لتجنب المضاعفات المستقبلية.

وقال الأنصاري: »في نهاية المطاف، نمط الحياة الصحي هو مفتاح معالجة مرض السكري من أساسه، وخاصة السكري من النوع 2 الذي يعتبر إلى حد كبير حالة ناجمة عن نمط الحياة السيء بسبب سوء التغذية والخمول. وقد أصبحت هناك زيادة ملموسة في تركيز جميع دول مجلس التعاون الخليجي على نمط الحياة الصحي وحملات التوعية العامة.

وقد شهدت المنطقة بالفعل بعض التقدم المعتدل في الوقاية من مرض السكري. على سبيل المثال، انخفضت معدلات انتشار مرض السكري في دولة الإمارات العربية المتحدة بنسبة 5.5 في المائة من الفترة من 2003 وحتى 2015، وفقًا للاتحاد الدولي للسكري. وأضاف شوالييه قائلًا،«لكن كما يتضح من مستويات الإنفاق المنخفضة نسبيًا على علاج السكري مقارنة بالمناطق الأخرى، هناك الكثير مما يمكننا القيام به».

وأضاف قائلًا:«علينا جميعًا أن نبدي استعدادنا للتعاون لضمان الإبقاء على هذه القضية في صدارة جدول الأعمال، وكذلك مواصلة القطاعين العام والخاص العمل معًا من أجل وضع نهج شامل لهذه القضية، وتبادل أفضل الممارسات والخبرات حيثما كان ذلك مناسبًا. إذ فقط من خلال العمل المشترك في مواجهة هذه القضية الاجتماعية والثقافية، يمكننا أن نتطلع إلى كسب المعركة والانتصار على مرض السكري.

* متخصصة في مواضيع الأعمال والتكنولوجيا

Email