وعود «الحكم العالمي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد أصبح مصطلح «الحكم العالمي» شعار النخبة في عصرنا. فبفضل الطفرة الهائلة في التدفقات عبر الحدود من السلع والخدمات ورؤوس الأموال والمعلومات التي ينتجها الإبداع التكنولوجي وتحرير السوق، أصبحت بلدان العالم وفقاً للحجج التي تسوقها النخبة مترابطة إلى الحد الذي يجعل أي دولة عاجزة عن حل مشكلاتها الاقتصادية بمفردها. وعلى هذا فنحن في احتياج إلى قواعد عالمية، واتفاقيات عالمية، ومؤسسات عالمية.

وقد بات هذا الادعاء مقبولاً على نطاق واسع اليوم حتى أن الطعن فيه ربما يبدو أشبه بالزعم بأن الشمس تدور حول الأرض، وما يجعل من تغير المناخ على سبيل المثال مشكلة تتطلب التعاون العالمي هو أن النظام المناخي على كوكب الأرض واحد.

على النقيض من ذلك، تعود السياسات الاقتصادية الجيدة ــ بما في ذلك الانفتاح ــ بالفوائد على الاقتصاد المحلي أولاً، وبالمثل، يُدفَع ثمن السياسات الاقتصادية السيئة محلياً.

وتتحدد الثروات الاقتصادية التي تمتلكها البلدان فرادى على ضوء ما يحدث في الداخل إلى حد كبير وليس ما يحدث في الخارج. فإذا كان الانفتاح الاقتصادي مرغوباً، فإن هذا يرجع إلى حقيقة مفادها أن مثل هذه السياسات تصب في المصلحة الذاتية للدولة التي تنتهجها ــ وليس لأنها تساعد الآخرين. وتعتمد سياسات الانفتاح وغيرها من السياسات الجيدة التي تساهم في الاستقرار الاقتصادي في مختلف أنحاء العالم على المصلحة الذاتية، وليس على الروح العالمية.

وقد تأتي الميزة الاقتصادية المحلية أحياناً على حساب دول أخرى. وهذا هو ما يسمى سياسات إفقار الجار. ويتجلى المثال الأكثر وضوحاً على هذا عندما يقرر الموَرِّد المهيمن لأحد الموارد الطبيعية، مثل النفط، تقييد المعروض منه في الأسواق العالمية بهدف دفع الأسعار العالمية إلى الارتفاع. وهنا يصبح مكسب الدولة المصدرة خسارة لبقية العالم.

* أستاذ الاقتصاد السياسي الدولي في كلية جون كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد

Email