منطق «داعش» الأعمى

ت + ت - الحجم الطبيعي

يفرض ما يسمى «داعش»، بلا انقطاع، تهديداً خطيراً ليس للشرق الأوسط فحسب بل العالم بأسره. ورغم أن الجهود التي يبذلها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة أضعفت «داعش»، فقد تبين أن تدمير هذه الزمرة ليس بالمهمة السهلة، وقد استمر هذا في تحفيز وإشاعة الهجمات في أماكن متباعدة، من بروكسل إلى بنجلاديش.

يتعين علينا أولاً، لكي نفهم كيف نحبط هذا التنظيم ونقهره، أن نفهم استراتيجيته. وأرجو أن أكون واضحاً هنا: فحتى وإن بدت الهجمات الدولية المرتبطة به عشوائية، فإن الحملة العالمية التي تشنها هذه الجماعة تخضع لمنطق استراتيجي.

إن «داعش» يقاتل من أجل البقاء، وهو لا يملك المال ولا القوة البشرية اللازمة لخوض أي شيء أشبه بحرب تقليدية ضد تحالف تقوده الولايات المتحدة، وحلفاؤها التقليديون ــ على الأقل ليس لفترة طويلة. ولكنه يحمل رسالة يتردد صداها بين فئات معينة من البشر ــ وهم عادة من الشباب المهمشين المحبَطين المعذبين ــ ضمن نطاق واسع من البلدان. وقد أصبح التنظيم شديد البراعة في استغلال مصادر القوة البشرية هذه.

من الأهمية بمكان على هذه الخلفية ألا يطغى التهديد الأمني الذي تفرضه الهجمات الإرهابية، وخاصة في نظر القادة الغربيين، على حتمية تفكيك التنظيم الزائف في العراق وسوريا. ولكن حتى عندما تتم هذه المهمة، فسيظل «داعش» قادراً على ممارسة استراتيجيته الإيديولوجية كسلاح لاجتذاب المقاتلين للانخراط في حرب العصابات وفي الإرهاب.

ومن الضروري أيضاً لهذا السبب أن يُقطَع الأكسجين الاجتماعي والإيديولوجي الذي تغذى عليه تمدده لإلحاق الهزيمة به وبمنطقه الأعمى وبغيره من أمثاله.

* أستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية.

 

Email