حياتنا

استثمار اجتماعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأن الناتج المحلي الإجمالي هو المقياس المفضل لقيمة أي اقتصاد، فإن العديد من العوامل التي تساهم في رفاهة البشر تصبح موضع تجاهل، ويُنظَر إلى الإنفاق على الاحتياجات الأساسية، مثل الصحة والتعليم، باعتباره جزءاً من النفقات وليس استثماراً أساسياً.

إذا نظر صناع السياسات إلى مثل هذا الإنفاق كاستثمار، فسوف يكون بوسعهم أن يشرعوا في التفكير في كيفية تعظيم العوائد. وكمثل كل الاستثمارات في رأس المال البشري أو الثابت، فقد تتناقص العائدات عند مستويات مرتفعة.

لذا، فبدلاً من توجيه الفوائد الاقتصادية إلى الأثرياء على افتراض أنها سوف «تتقاطر إلى الأسفل»، ينبغي لصناع السياسات أن يعكفوا على تقييم ما إذا كان الاستثمار في الفرص لصالح الفقراء يحقق بالفعل قدراً أكبر من النمو الاقتصادي. ففي الولايات المتحدة، كان قانون إعادة تكييف العسكريين لعام 1944 «المعروف باسم قانون جي آي» ناجحاً لأنه وفر التدريب لأولئك الأشد احتياجاً إليه، وعمل على تمكين المحاربين القدامى العائدين من الحرب العالمية الثانية من العودة إلى الاقتصاد المنتج. وقد ساعد القانون في خلق قوة عمل أكثر تعليماً، كما بَشَّر بقدوم فترة من الدخول المرتفعة لأغلب الأميركيين.

في النهج الحالي هدفه المركزي ليس التشغيل الكامل للعمالة، ولقد حان الوقت للعودة إلى سياسات الاقتصاد الكلي التي سادت في فترة الخمسينيات والستينيات، والتي اعترفت بفوائد التشغيل الكامل للعمالة في تعزيز الاستقرار الاجتماعي والنمو المستدام. وكما يُظهِر النموذج المعمول به في دول الشمال، يستفيد الاقتصاد من ارتفاع مستويات تشغيل العمالة، لأنه يضمن إيرادات ضريبية كافية لتمويل مستويات عالية من الاستثمار الاجتماعي، مما يساعد في خلق حلقة حميدة.

* أستاذ الاقتصاد الفخري في معهد الدراسات السياسية في باريس.

* مدير مكتب تقرير التنمية البشرية لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

Email