فترة من عدم اليقين

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الاستفتاء الذي أجري في المملكة المتحدة على «الخروج البريطاني» من الاتحاد الأوروبي سبباً في زعزعة أركان أسواق الأسهم والأسواق المالية في العالم. وكما حدث في وقائع سابقة من الاضطرابات المالية المعدية، دفع التصويت لصالح «الخروج» المستثمرين إلى الملاذات الآمنة المعتادة. فارتفعت سندات الخزانة الأميركية، والدولار، والفرنك السويسري، والين الياباني بشكل ملحوظ في مقابل الجنيه الإسترليني.

عندما بات من الواضح أن معسكر «البقاء» خسر المعركة، بدا الأمر وكأن انحدار الجنيه يسلك نفس مسار انخفاض القيمة التاريخي الذي بلغ 14% في أزمة الإسترليني عام 1967. ولكن النتائج الأفعوانية التي نشهدها الآن في أسواق رأس المال العالمية لا تتفرد بها نوبة الخروج البريطاني.

ما هو فريد حقاً، وبعيد المدى بشكل خاص، هو السابقة التي يخلفها الخروج البريطاني للدول «أو المناطق» الأخرى، والتي تشجعها على «الخروج» من الترتيبات السياسية والاقتصادية التي تشارك فيها حالياً ــ سواء كانت اسكتلندا وشمال أيرلندا في المملكة المتحدة، أو كاتالونيا في إسبانيا. بل وربما يُعاد رسم حدود دول قومية قائمة أو تُزال حدودها بالكامل إذا خضعت الدول الأعضاء للنزوات القومية الداخلية. (وكما تُظهِر حملة دونالد ترامب الرئاسية في الولايات المتحدة، فإن هذه النزوة تمتد إلى خارج أوروبا).

الواقع أن الخروج البريطاني يشكل انتكاسة كبرى للعولمة، بما يحمله من تأثيرات سلبية، كما أن ترتيبات الخروج التجارية والمالية وتلك الخاصة بالهجرة أشد تعقيداً ورسوخاً من أن يجري التفاوض بشأنها بسرعة. وفي غضون ذلك، من المرجح أن يتم تعليق العديد من الصفقات العابرة للحدود في السلع والخدمات والأصول المالية. وحتى إذا لم نشهد لحظات «خروج» أخرى في أوروبا، فإن فترة مطولة من عدم اليقين في أسواق رأس المال العالمية تبدو احتمالاً مرجحاً.

* أستاذة النظام المالي الدولي في جامعة هارفارد.

Email