التحرر الاقتصادي هو طريق غير مضمون بالمرة نحو الديمقراطية، ولا يوجد مثال لتوضيح ذلك أفضل من الصين والتي تعتبر أكبر وأقدم دولة شمولية بالعالم.

ففي الصين يحتفظ الحزب الشيوعي الصيني باحتكاره للسلطة حتى بعد أن أدت إصلاحات السوق إلى صعود الاقتصاد الصيني ( إن من أكبر المستفيدين من هذه العملية هو الجيش الصيني ).

إن الاعتقاد بأن الرأسمالية تؤدي للديمقراطية بشكل تلقائي يوحي بوجود رابط أيديولوجي بين الإثنين ولكن هيمنة الحزب الشيوعي الصيني – والذي يصل عدد أعضائه حاليا إلى 88 مليون عضو أي أكبر من عدد سكان ألمانيا- لم تعد متجذرة أيديولوجيا فالحزب الممثل بأوليغارشية منعزلة تمكن من الاستمرار عن طريق توظيف أنواع مختلفة من الأدوات ،من أجل منع نشوء معارضة منظمة.

لقد أشار تعميم صادر عن الحزب سنة 2013 يعرف باسم «المستند رقم 9» إلى سبعة تهديدات لقيادة الحزب الشيوعي الصيني والتي ينوي شي جينبينغ إزالتها. إن هذه التهديدات تشمل تبني«الديمقراطية الدستورية الغربية» والترويج «للقيم العالمية»لحقوق الإنسان وتشجيع «المجتمع المدني» والانتقادات السلبية لماضي الحزب وتبني «قيم الأخبار الغربية».

باختصار فإن الشيوعية تركز بشكل أقل الآن على ما هي عليه «أي أيديولوجيتها» وبشكل أكبر على ما ليست هي عليه. إن ممثليها ملتزمون أولا وأخيراً بالتمسك بالسلطة السياسية وهو جهد يدعمه الرخاء الاقتصادي الذي تحقق بفضل الرأسمالية والذي يساعد على تجنب مطالب شعبية بالتغيير.

إن من الواضح أنه في الأماكن التي يتحكم فيها الشيوعيون بمقاليد الحكم فإن تطور سوق حر للبضائع والخدمات لا يقود بالضرورة لظهور سوق للأفكار، ويبدو أن هناك تناقضا واضحا بين الديمقراطية والشيوعية ولكن من الواضح أنه لا يوجد تناقض بين الرأسمالية والشيوعية وهذا يمكن أن يكون خطيرا للغاية.

* زميل في أكاديمية روبرت بوش في برلين