وسائل الإعلام والتغير التكنولوجي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الزعماء السياسيون على مر التاريخ يدعمون تقنيات الاتصال المتاحة التي تساعدهم في الدفاع عن النظام الذي يزاولون الحكم من خلاله.

واليوم أيضاً قد تستسلم الحكومات لإغراء حماية الصحف وقنوات التلفاز العامة بحجة «إنقاذ الديمقراطية كما نعرفها». ولكن الجهود الرامية إلى عرقلة التغير التكنولوجي كانت عقيمة وبلا جدوى في الماضي، ولا شك أنه من غير الحكمة أن نلاحق مثل هذه الجهود اليوم. بل يتعين على النظام السياسي (والإعلام) بدلاً من هذا أن يتكيف مع الواقع الجديد.

وكان ظهور المطابع، والورق، والصحف من الأسباب التي أدت إلى نشوء أنماط جديدة من النظم السياسية القائمة على المشاركة الشعبية الموسعة. ولم يكن الانتقال سلساً، ولكن هؤلاء الذين فهموا علامات الزمن في وقت مبكر ضمنوا لأنفسهم مركزاً متقدماً في التاريخ.

وليس من قبيل الصدفة أن بنجامين فرانكلين كان على دراية بالطباعة ونشر الصحف. وكان النظام السياسي الديمقراطي الليبرالي الذي نتج عن الثورة الأميركية مجارياً إلى حد كبير لتكنولوجيا المعلومات الناشئة في ذلك الوقت.

إن وسائل الإعلام تشكل حجر الزاوية في بناء الديمقراطية. وإذا تُرِك الأمر للمدونات وغيرها، من دون صحافيين يغطون الأخبار، فكيف يتسنى للمواطنين أن يحزموا أمرهم حين يتصل الأمر باختيار السياسات التي يتعين عليهم أن يساندوها؟

إن هذا التفكير يعكس مخاوف قديمة: أو طبقاً لتعبير أفلاطون فإن المواطنين «يحصلون على المعلومات من دون التوجيهات المناسبة، ثم يتصورون أنهم على أعظم قدر من الاطلاع والمعرفة في حين أنهم جاهلون تماماً في أغلب الأحوال».

في تسعينيات القرن العشرين قال بيل غيتس: «في القرن المقبل سوف يظهر القادة والزعماء من بين هؤلاء الذين يعملون على تمكين الآخرين». وفي اعتقادي أن اختيار من يتعين علينا أن نمكنه ومن ينبغي له أن يشارك، وليس اتخاذ القرار بشأن إنقاذ التكنولوجيا الإعلامية القائمة.

* أستاذ بجامعة ليوبليانا والأمين العام للمجموعة الفكرية المختصة بدراسة مستقبل أوروبا

 

Email