ريتشارد دوكينز و وهم القانون

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُعَد ريتشارد دوكينز أحد العقول العظيمة في عصرنا؛ غير أنه في مذكراته التي نشرت أخيراً بعنوان «شمعة قصيرة العمر في الظلام: حياتي في العلوم»، يلاحظ أن العقول العظيمة كثيراً ما تخطئ عندما تترك مجال خبرتها. ويستشهد دوكينز بالفلكي الكبير فريد هويل، الذي كان كتابه «طبيعة الكون» بمثابة قراءة أساسية قبل نصف قرن من الزمن. فعندما تحول هويل إلى علم الأحياء، ضل الطريق. وقد حدث نفس الشيء مع دوكينز عندما تحول من العلم إلى القانون.

ينظر دوكينز إلى القانون باعتباره لعبة «شد الحبل». فيقول على سبيل المثال إن أحد الأطراف ربما يسوق أقوى الحجج في دعم اقتراح ما «سواء كان مُصَدقاً له أو لم يكن»، ويدفع الطرف المقابل لشخص ما لكي يسوق أقوى الحجج المضادة. وتتوقف النتيجة على من يفوز بلعبة شد الحبل. وهو يعتقد أن المحامين ربما يصبحون أكثر «صدقاً وإنسانية» إذا جلسوا معاً ونظروا في الأدلة وحاولوا التوصل إلى ما حدث بالفعل.

الواقع أن حجة دوكينز تشوبها ثلاث مغالطات شائعة. وربما نسمى الأولى «مغالطة الجريمة». فكما هي حال كثير من الناس، أول ما يتبادر إلى ذهن دوكينز عندما يفكر في القانون هو القانون الجنائي. تشغل المحاكمات الجنائية حيزاً كبيراً من المخيلة العامة، ولكنها لا تشكل في واقع الأمر سوى خلية واحدة في جسم القانون المعقد. والثانية هي «مغالطة الذنب». يشعر دوكينز بصدمة عميقة عندما يكتشف أن شخصاً ما ارتكب عملاً غير قانوني ربما تعتبره المحكمة غير مذنب. تخلط مغالطة الذنب هنا بين«الذنب» كمفهوم قانوني وارتكاب فعل محظور.

وتتلخص مغالطة دوكينز الثالثة والأكثر جوهرية في وهم مفاده أن القانون يتعلق بالحقيقة ــ أو «ما حدث حقاً» على حد تعبيره. إن الهدف من القانون، على عكس الهدف من العلم، ليس تقرير الحقيقة؛ بل يتلخص هدف القانون الأساسي في الحد من النزاع.

* يزاول مهنة المحاماة في فرنسا، وهو مؤلف كتاب "أمر المثول والعدالة بعد داروين".

رونالد سوكول*

Email