الدولار ينضم إلى حروب العملة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عالم يتسم بضعف الطلب الداخلي في العديد من الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة، استسلم صناع السياسات إلى إغراء تعزيز النمو الاقتصادي وتشغيل العمالة من خلال الإفراط في الاعتماد على النمو القائم على التصدير. وهذا يتطلب عملة ضعيفة وسياسات نقدية تقليدية وغير تقليدية لإحداث الانخفاض المطلوب. منذ بداية العام، اتجه أكثر من عشرين بنكا مركزيا في مختلف أنحاء العالم إلى تخفيف السياسة النقدية، سيراً على خُطى البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان.

حتى وقت قريب، لم يكن صناع السياسات في أميركا مهتمين كثيراً بقوة الدولار، لأن توقعات النمو في أميركا كانت أقوى من مثيلاتها في أوروبا واليابان.

إن احتكاكات العملة من الممكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى احتكاكات تجارية، ومن الممكن أن تؤدي حروب العملة إلى حروب تجارية. وهذا من شأنه أن يدفع الولايات المتحدة إلى متاعب. ومن الواضح أن عدم الثقة في قدرة إدارة أوباما على حشد الأصوات الكافية في الكونغرس للتصديق على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ تفاقم بسبب التشريع المقترح الذي يقضي بفرض رسوم جمركية على البلدان التي تنخرط في «التلاعب بالعملة».

الواقع أن العالم سوف يكون أفضل حالاً إذا لاحقت أغلب الحكومات سياسات تعزز النمو من خلال الطلب المحلي، بدلاً من التدابير المرتبطة بالتصدير والقائمة على مبدأ إفقار الجار. ولكن هذا سوف يتطلب منها أن تقلل من اعتمادها على السياسة النقدية وتكثف اعتمادها على السياسات المالية السليمة (مثل زيادة الإنفاق على البنية الأساسية الإنتاجية). وحتى سياسات الدخل التي ترفع الأجور، وبالتالي دخل العمل والاستهلاك، تُعَد مصدراً أفضل للنمو المحلي من خفض قيمة العملة (الذي يتسبب في انخفاض الأجور الحقيقية).

إن مجموع كل الموازين التجارية في العالم يساوي صِفرا، وهذا يعني أنه من غير الممكن أن تكون كل بلدان العالم مصدرة صافية ــ وأن حروب العملة في نهاية المطاف ألعاب محصلتها صِفر.

 

* أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك

Email