سبيل سلبي إلى النمو (2-2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعيداً عن مدخري التجزئة، فإن البنوك التي تحتفظ بأموال نقدية تتجاوز الاحتياطيات المطلوبة ليس لديها أي خيار غير قبول أسعار الفائدة السلبية التي تفرضها البنوك المركزية، بل إنها لا تستطيع أن تحتفظ بهذه الاحتياطيات الزائدة وتديرها وتنقلها إذا كانت في هيئة أموال نقدية، وليس في حساب ذي عائد سلبي لدى البنك المركزي.

وبطبيعة الحال، لا يصح هذا إلا ما دام سعر الفائدة الاسمي ليس سلبياً للغاية؛ وإلا فإن التحول إلى النقد ــ برغم تكاليف التخزين والسلامة ــ تصبح أكثر منطقية.

إن العديد من المستثمرين في الأجل الطويل، مثل شركات التأمين وصناديق معاشات التقاعد، لا يجدون بديلاً، فهم مطالبون بالاحتفاظ بسندات أكثر أماناً.

وبطبيعة الحال، تتسبب العائدات السلبية في جعل موازناتهم العمومية أقل استقراراً: فخطط التقاعد المحددة الفائدة تحتاج إلى عائدات إيجابية لكي تحقق التعادل، وعندما تحقق أغلب أصولها عائداً اسمياً سلبياً، فإن تحقيق مثل هذه النتائج يصبح متزايد الصعوبة.

وحتى إذا كانت عائداتهم الاسمية سلبية، فلابد أن يذعنوا طلباً للسلامة. بطبيعة الحال، ربما تدفع العائدات السلبية الاسمية والحقيقية المدخرين بمرور الوقت إلى تقليل الادخار وزيادة الإنفاق.

وهذا هو على وجه التحديد الهدف من أسعار الفائدة السلبية: ففي عالم حيث يزيد المعروض عن الطلب وحيث تطارد مدخرات كثيرة عدداً قليلاً من الاستثمارات المنتجة، فإن سعر فائدة التوازن يصبح منخفضا، إن لم يكن سلبياً.

وإذا عانت الاقتصادات المتقدمة من الركود المزمن، فقد يصبح العالم حيث أسعار الفائدة سلبية على كل من السندات القصيرة والطولية الأجل هو الوضع المعتاد الجديد. ولتجنب هذا المآل، يتعين على البنوك المركزية والسلطات المالية أن تلاحق سياسات قادرة على دفع عجلة النمو واستحثاث التضخم الإيجابي.

ولكن هذا يتطلب أيضاً التحفيز المالي، وخاصة الاستثمار العام في مشاريع البنية الأساسية الإنتاجية، والتي تدر عائدات أعلى من عائدات السندات المستخدمة لتمويلها. وكلما طال تأجيل هذه السياسات كلما طال أمد اضطرارنا إلى الحياة في عالم أسعار الفائدة الاسمية السلبية المقلوب.

 

*رئيس مؤسسة روبيني للاقتصاد العالمي، وأستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال بجامعة نيويورك

Email