سبيل سلبي إلى النمو ( 1-2 )

ت + ت - الحجم الطبيعي

في السنوات الست الأخيرة، أصبحت السياسة النقدية غير تقليدية على نحو متزايد، حيث نفذت البنوك سياسات سعر الفائدة صفر، والتيسير الكمي، والتيسير الائتماني، والتوجيه المسبق، والتدخل بلا حدود في أسعار الصرف. ولكن الآن، وصلنا إلى الأداة الأكثر بُعداً عن التقليدية على الإطلاق: أسعار الفائدة الاسمية السلبية.

وهذه الأسعار سائدة حالياً في منطقة اليورو، وسويسرا، والدنمارك، والسويد. وليست الأسعار القصيرة الأجل فقط هي التي أصبحت الآن سلبية بالقيمة الاسمية: فنحو 3 تريليونات دولار من الأصول في أوروبا واليابان، بمواعيد استحقاق تصل إلى عشر سنوات (في حالة سندات الحكومة السويسرية) أصبحت أسعار الفائدة عليها سلبية الآن.

للوهلة الأولى قد يبدو هذا سخيفاً: فما الذي قد يدفع أي شخص إلى إقراض المال في مقابل عائد اسمي سلبي ما دام بوسعه أن يستبقي المال النقدي ببساطة ولا يخسر بالقيمة الاسمية على الأقل؟

الواقع أن المستثمرين قبلوا لفترة طويلة العائدات السلبية الحقيقية (المعدلة تبعاً للتضخم). فعندما تحتفظ بحساب شيكات أو حساب جار في بنكك بسعر فائدة صفر ــ كما يفعل أغلب الناس في الاقتصادات المتقدمة ــ يصبح العائد الحقيقي سلبيا (عائد الصفر الاسمي مع خصم التضخم): فبعد عام من الآن، تشتري لك أرصدتك النقدية كماً من السلع أقل مما يمكنك شراؤه بها اليوم.

 وإذا وضعت في اعتبارك الرسوم التي تفرضها العديد من البنوك على هذه الحسابات، فسوف يتبين لك أن العائد الاسمي الفعّال كان سلبياً بالفعل حتى قبل أن تتبنى البنوك المركزية أسعار الفائدة الاسمية السلبية.

بعبارة أخرى، بسبب أسعار الفائدة الاسمية السلبية تصبح عائداتك أكثر سلبية مما كانت عليه بالفعل. ويقبل المستثمرون العائدات السلبية في سبيل الراحة المتمثلة في الاحتفاظ بأرصدة نقدية، وبهذا المعنى فلا جديد في أسعار الفائدة الاسمية السلبية.

 

*رئيس مؤسسة روبيني للاقتصاد العالمي

Email