حياتنا

مائة عام من النسبية (2)

ت + ت - الحجم الطبيعي

خلافاً لما قد تشعر به عندما تحاول الخروج من الفراش في الصباح، فإن الجاذبية في واقع الأمر القوة الأساسية الأكثر ضعفاً بين كل القوى التي تمكنا من تعريفها. فالأمر لا يتطلب غير التنافر السكوني بين عدد قليل من الإلكترونات لجعل شعرك يقف، متغلباً على قوة جاذبية كوكب الأرض بالكامل.

وفي العالم الذري ودون الذري، لا تشكل الجاذبية أهمية مقارنة بما يجري غيرها، والذي يمكن وصفه كله بالاستعانة بنظريات الكم.

الواقع أن ضعف الجاذبية يجعل من الصعب للغاية قياس تأثيراتها الكمية؛ ونحن نتيجة لهذا لا نملك بيانات تجريبية يسترشد بها علماء الفيزياء النظرية في تطوير النظرية المفقودة. واستكشاف «الجرافيتون» ــ الجسيمات الافتراضية التي تشكل جزءاً من مجال الجاذبية ــ يتطلب الاستعانة بمصادم للجسيمات بحجم مجرة درب التبانة أو مِكشاف كتلته تعادل كتلة كوكب المشترى.

ومثل هذه التجارب منفصلة تماماً عن قدراتنا التكنولوجية حتى أن علماء الفيزياء ركزوا على محاولة إزالة التناقضات الحسابية أولا، وتطوير أساليب مثل نظرية الأوتار، والجاذبية الكمية الحلقية، والجاذبية الآمنة المقارِبة. ولكن لكي نعرف أي النظريات تصف الحقيقة الفيزيائية، يتعين علينا أن نطور اختبارات تجريبية في نهاية المطاف.

ولهذا السبب، بدأ علماء الفيزياء على مدى العقد الماضي البحث عن أدلة غير مباشرة على الجاذبية الكمية. وبدلاً من السعي إلى استكشاف قياس كمي لمجال الجاذبية، يبحث الباحثون عن تأثيرات أخرى تعني ضمناً أن الجاذبية يمكن قياسها كميا.

وتعمل هذه الاختبارات على نحو أشبه بتلك التي تستخدم استقرار الذرات كدليل غير مباشر لتحويل القوة الكهرومغناطيسية إلى كم.

على سبيل المثال، يبحث بعض العلماء عن دليل على التقلبات الكمية بين الفضاء والزمن التي قد تجعل صور النجوم البعيدة ضبابية أو تؤدي إلى تشوهات منتظمة.

ويبحث آخرون عن انتهاكات لتماثلات معينة قد تعمل على تمكين اضمحلال محظور عادة للجسيمات، أو ضوضاء غير مبررة في أجهزة الكشف عن موجات الجاذبية، أو خسارة لا يمكن تفسيرها للتماسك الكمي.

 

* أستاذ في المعهد الشمالي للفيزياء النظرية في ستوكهولم بالسويد

Email