اتحاد أسواق رأس المال الوهمي في أوروبا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقد أصبح بقاء منطقة اليورو موضع شك مرة أخرى، حيث تطالب اليونان بإعفائها من الديون ووضع حد للتقشف، وإلا فإن الخروج حتمي. ولكن رغم أن اتحاد العملة في أوروبا معرض للخطر، ولا يزال اتحادها المصرفي في مرحلة مبكرة من التطور، فإن المفوضية الأوروبية التي لا ينتهي إبداعها، تشرع الآن في خوض مغامرة أخرى: «اتحاد أسواق رأس المال» المزعوم.

الواقع أن الفكرة بدأت كشعار صاغه أحد مساعدي رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. والآن، تم تكليف مفوض الأسواق المالية الجديد، اللورد البريطاني جوناثان هِل، بالمهمة التي لا يُحسَد عليها والمتمثلة في تحويل الفكرة إلى كيان حقيقي.

ولم تهدر جماعات الضغط والهيئات التنظيمية الدولية أي وقت في محاولة التأثير على جهود هِل وتجنب أي مبادرات قد تضر بمصالحهم. ويزعم بنك إنجلترا أن اتحاد أسواق رأس المال «لا يتطلب تغييراً مؤسسياً»، لذا فلن يتطلب الأمر إنشاء هيئة إشرافية عليا.

ويتفق أغلب القائمين على تنظيم السوق والمشاركين فيه على أن الأسواق المالية في أوروبا مختلة وظيفياً. ومع بلوغ الأصول المصرفية نحو 300% من الناتج المحلي الإجمالي على مستوى الاتحاد الأوروبي بالكامل، مقارنة بنحو 70% في الولايات المتحدة، فإن مجمعات كبيرة من المدخرات تظل غير مستغلة.

ورغم أن أجندة هِل الأولية المتواضعة لن تحدث أي ضرر بكل تأكيد (ولابد من تنفيذها في أسرع وقت ممكن)، فإن أي تدابير جوهرية أبعد منها سوف تواجه عراقيل حقيقية. والواقع أن بعض الأفكارالتي طرحها هِل، تتعارض تماماً مع معايير القدرة على إيفاء الديون في الاتحاد الأوروبي لشركات التأمين وصناديق التقاعد .

وما لم يتغير المزاج السياسي بشكل جذري في أوروبا ــ وهو تطور غير محتمل ــ فمن غير المنطقي أن نتوقع أن يكون اتحاد أسواق رأس المال قادراً على التغيير كما كان الاتحاد المصرفي. بل لن يكون في أحسن الأحوال أكثر من محرك لاضطرابات صغيرة حيث تُذبح بعض البقرات الوطنية المقدسة.

 

* رئيس هيئة الخدمات المالية في بريطانيا

Email