هذه ليست مناوشات، وليست خلافات حول قضايا وطنية، وليست اختلافات في وجهات النظر، بل هي بداية لحرب قد تستمر حتى انتخابات 28.
قد ننظر اليوم إلى ما يحدث بين رئيس الولايات المتحدة دونالد ترامب، وأثرى أثرياء العالم، إيلون ماسك، وكأنها دراما تلفزيونية ممتعة، كما قالت إحدى المؤيدات للجمهوريين، وقد نسترجع ذكريات عام واحد فقط، يوم كان ماسك يقف على يمين ترامب، في حملاته الانتخابية، وفي الدعم المفتوح، والذي تجاوز 270 مليون دولار، والوصف الذي لم يترك حسنة لم يلصقها بالرئيس السابق المرشّح لرئاسة جديدة، ونتذكّر جيداً «مدائح» ترامب بحق ماسك، وكلماته التي قالها عنه، وكأنّها «درر»، وقد استمر هذا الوضع بين الاثنين حتى الأسبوع الماضي، أي حتى نهاية الشهر الرابع لترامب في البيت الأبيض، ونهاية وجود ماسك في ذلك البيت، وكان العالم يعتقد بأن اتفاقاً سرياً عُقِد بين الصديقين، وقد كانا صديقين حميمين، يثقان ببعضهما البعض، إلى درجة تسليم ماسك أهم منصب مستحدث، وشهد العالم ما أصبح يُعرف بالإصلاح الداخلي، تنفيذاً للبرنامج الانتخابي لترامب، ومنح صلاحيات تفوق صلاحيات كل المستشارين والوزراء، وكسرت هيبة مؤسسات كانت في كل الأزمنة السابقة محصّنة ومحميّة من الرؤساء، ولم تستمر الأمور على وضعها، هي ثلاثة أشهر عسل، ما احتاجها الاثنان حتى يعلنا الانفصال، ولم ينسيا الحديث عن استمرار الصداقة القائمة بينهما.
ذلك ما كان العالم يراه في العلن، ولكن النفوس كان لها رأي آخر، ولم تطل مدة إخفاء الحقيقة، هي أيام فقط، حتى بدأت حرب عدائية بين الصديقين، هذا يهاجم، وذاك يسخر، ثم يرد ماسك ويلحقه رد من ترامب، وتفلت الكلمات في مناوشاتهما، حتى تحوّلت إلى قذائف تتبعها تهديدات، ووصل الأمر إلى «نشر الغسيل»، كما يقال، فإذا نشر الغسيل تناثرت أوساخه، وهكذا خرجت المواجهة من «العتب» و«اللّوم»، إلى الإساءة الشخصية، والحرب ما زالت في بدايتها، والكل ينتظر، ونحن معهم.