الصين وصراع الكبار

تجاوزت الصين النقطة الفاصلة في مسيرتها التجارية والاقتصادية بشكل عام، وفي أبحاثها وابتكاراتها في شتى المجالات، ولم تعد تنظر في الخيارات، التي يتحدث عنها الغرب، فهي الآن تضع رجلها في الطريق الذي يأخذها إلى الأمام، ولن ترجع إلى الخلف، وبصيغة أدق لن تتخلى عن مكانتها، التي وصلت إليها لأن الغرب اكتشف أنه كان مخطئاً عندما توقف عن الإنتاج وتطوير نفسه، واختار الاسترخاء والاكتفاء بأسواق الأسهم العقارات!

الصين اليوم ليست الدولة النامية التي كانت في الستينيات، وليست الدولة المتعثرة في جودة التصنيع والحداثة، وأيضاً هي ليست الطرف الضعيف الذي يلوّح له الأقوياء بالعصا والجزرة، إنها الطرف الموازي في القوة والتقدم في الإنتاج والتجارة الدولية، وهي لم تطلب من المصنعين أن يغلقوا مصانعهم، ويبحثوا عن الصناعة الصينية تهرباً من الضرائب والرواتب العالية، وهي لم تسحب رؤوس الأموال من الحسابات البنكية الغربية، هم ذهبوا إلى الصين برضاهم، وبصمت مستغرب من دولهم، أرادوا الرخيص وحققت الصين رغباتهم، وباعوا بأسعار مضاعفة بضائعهم بعد وضع الأسماء المشهورة عليها، وزادت مليارات الأمريكي والأوروبي المتصدر لقوائم أغنى أغنياء العالم.

قبل أيام أعلنت الصين عن طائرة بدون طيار، وهي طائرة كبيرة وليست «درون»، ولكنها «حاملة طائرات درون»، ويقال إنها تحمل أيضاً الصواريخ الموجهة، وتستطيع أن تشن هجوماً عسكرياً تعجز الدفاعات الجوية عن التصدي لها، وبإمكانها إطلاق 100 طائرة متفجرة من الطائرات الصغيرة، وكان الإعلان عنها وسط الضجة، التي أحدثتها «تعريفات ترامب» أو حربه الضريبية كما يحلو للبعض أن يطلق عليها، وكأن الصين كانت تريد أن تقول لكل من يحاول أن يتلاعب معها إنها موجودة وقادرة على مواجهة كل الاحتمالات، فهي الدولة الوحيدة في العالم، التي لم تستعطف الرئيس الأمريكي، ولم تطلب مراعاة ظروفها أو عقد اتفاقات ثنائية معها، بل ردت على كل ضريبة بضريبة مساوية لها، مطبقة مبدأ «المعاملة بالمثل»، دون تردد أو حذر.

وللحديث بقية.