كنا ننتظر ردود أفعال تقترب من حجم مأساة غزة، فالمناشدات أثبتت فشلها في إثناء نتانياهو عن تنفيذ الأفكار التي تراوده للهرب بعيداً بحربه وقتله وتدميره واستهتاره بالعالم.
شخص مثله أصبح خارج السيطرة كما قال نواب إسرائيليون لا يعادون السامية، ولا يستطيع أن يتطاول عليهم ويوجه لهم اتهامات جاهزة و«معلبة» في قاموسه اللغوي الهابط، وفي الأيام الأخيرة بدأ مرحلة الردود التي تحمل نبرة عنصرية ضد الأوروبيين، أولئك الذين لا يدينونه، ولا يهاجمونه، ويتحدثون بأدب واحترام، إلى درجة اتهامه للرئيس الفرنسي بشن حرب صليبية على الدولة اليهودية، فقط لأن ماكرون طالب المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف أكثر حزماً حيال تصرفات الحكومة الإسرائيلية ضد سكان غزة، من هجوم عسكري مستمر وبشكل يومي، إلى منع المساعدات الإنسانية والاستمرار في فرض حصار لإجبار السكان على الرحيل أو الموت جوعاً.
العالم مازال يرى ويسمع، وما عاد متعاطفاً مع «مظلومية»، دولة تقتل ثم تبكي، وقد صدقت تلك النائبة التي امتدحت نتانياهو في مجلس الديمقراطية المزيفة، وقالت له «أنت ساحر، فعلاً ساحر، لماذا؟ لأنه كيف يعقل أن العالم كله كان في صفنا، والآن حولت العالم ليصبح كله ضدنا، فقط السحرة قادرون على فعل ذلك»، هي قالت ذلك، ونحن نقول ما قيل في أدبياتنا المتوارثة، إن السحر قد ينقلب على الساحر، فإذا حدث ذلك انكشفت الخفايا، وفشلت الوسائل، وما عادت «الحمامة» تخرج من القبعة، وما عادت القطعة النقدية تسحب من الأذن!
نتانياهو حقق انتصارات على بعض الميليشيات في ثلاث أو أربع دول، خدمته قوة قاتلة مهداة من دول بدأت تتساءل عن دورها في عمليات القتل الجماعي وما يتبعها من جرائم إنسانية يندى لها الجبين، ولأنها لا تجد إجابة شافية تحاول اليوم أن تخفف وقع أسلحتها ووسائل القتل التي وضعتها في يد مجموعة «توحشت» حتى بدأت تهدد حلفاءها.