فتحت فرنسا أعينها أخيراً، فرأت الحقيقة، وتبين لها أن «الإخوان» ليسوا فئة متدينة أليفة يمكن أن تتعايش في مجتمعها المتحضر، بعد أن ذاقت سمومهم!
وفرنسا هي دولة من الدول الغربية التي احتضنت أعضاء ذلك التنظيم لأسباب كثيرة، وكان آخر تلك الأسباب أنهم يحمون «الإخوان» من البطش والمطاردة والسجون كما كانوا يدعون، فهي في الأخير تتبع مصالحها قبل أن تقدم منافع للآخرين.
وفي فترات مهمة استخدموا من كانوا يعتقدون بأنهم يحفظون الجميل، وحركوهم كما يشاؤون لإحداث الفوضى في بلادهم التي هربوا منها، أو في بلاد أخرى كانت ضمن أجندة الفوضى والتخريب، ولم يقصروا، قدموا خدمات جليلة لكل من أراد أن يعبث في البلاد العربية.
وكان آخرها «الربيع العربي» وكوارثه، من تمويل مادي إلى تجهيز سياسي وإمداد لوجستي، ومكنوا قيادات التنظيم الدولي، سواء من كانوا في فرنسا أو زيوريخ السويسرية أو ميونيخ الألمانية أو لندن البريطانية التي تبنتهم منذ نشأتهم وحتى انفلاتهم.
باريس كانت منكشفة، في شوارعها، وفي أحيائها الفقيرة، وفي حسابات بنوكها، ولا ننسى مؤتمرات فروع هذا التنظيم تحت أنظار الأجهزة الفرنسية، وكذلك في ميونيخ التي تحدثت عنها منذ سنوات، وعن مساجدها السرية في الشقق السكنية، وعن الشباب الذين يجولون في شوارعها تحت غطاء اللجوء والهروب من الحرب في سوريا، وهم ليسوا إلا بقايا «داعش» و«القاعدة» أو «النصرة».
أما لندن فهي الأم الحنون، إلى درجة أنها سمحت لـ «الإخوان» بأن يوقفوا أي شخص يتكلم بالعربية ليسألوه عن موطنه، ويتطاولوا على البلاد التي لا تروق لهم، ويمتدحوا بلاداً أخرى، ويتفاخرون بانتمائهم إلى البلاد العربية التي يسيطر عليها «الإخوان»، وهذا تصرف جديد لم نعهده من قبل، ولكنه أصبح ظاهرة بالنسبة لي عندما أرى وأسمع مثل ذلك مرتين خلال أول أربعة أيام في مدينة الضباب!
فرنسا كشفت الأوراق، وأعلنت مخاوفها وما تتوقعه من هذه الفئة المتسربة بين مفاصل الدولة، بل هم الدولة الخفية في الدولة الفرنسية كما قال أحدهم!
وللحديث بقية