كنا، وحتى بعد ظهر يوم الاثنين، متفائلين، ولدينا أمل كبير في أن نشهد ما يترجم الكلام المنثور في الهواء، وما إن انفض الجمع، وانتهت «حفلات» المديح والإشادة، وذهب كل واحد إلى طريقه، أحسسنا بغصة لا يمكن أن تفسر أو توصف، فقد خاب الأمل، بل زال، ولم يحل مكانه التشاؤم، لا، ما أصبح داخلنا أكبر وأعظم من كل الكلمات التي تقال في ظروف مثل هذه.
قمة سلام عقدت، وحضر عدد من القادة ومن يمثلونهم، وتصريحات تتطاير، وكلماتها تصدح في الأذهان، ولم نشهد غير لحظات من الصور التذكارية، والمجاملات الحميمية، وتوقيع اتفاق غزة، بحضور الوسطاء الذين يشكرون على كل ما بذلوه لوقف الحرب المعلنة من نتانياهو، وكان التوقيع هو العنوان الأول للقاء «شرم الشيخ»، ولكنه تغير بقدرة قادر، إلى قمة سلام تنهي صراعاً دام ثلاثة آلاف سنة، وهذا كلام الرئيس ترامب، حتى وهو في الكنيست الإسرائيلي أعاده على مسامع العالم، سلام في المنطقة شامل ينهي ذلك الصراع، وتمنع نتانياهو عن حضوره، ثم وافق، ثم عاد وأصر على عدم الحضور، بحجة أعيادهم، رغم أنه فتح قاعات مجلس النواب، وحشد كل الجهات وقادة بلاده، ولم تمنعه الأعياد عن تأجيل زيارة الرئيس الأمريكي، وأصبح مثل «أم العروس» التي تقاطع زواج ابنتها!
تغير الاتجاه، وعدنا إلى الطريق السابق، ذلك الطريق غير المعبَّد، المليء بالحفر، والمثير للغبار، ومن بعده الشك وعدم اليقين، فالذي نوقش، يوم أول من أمس، كان موضوع غزة بعد المرحلة الأولى من الاتفاق، وكان أهم ما طرح هو ما كرره الرئيس في كلماته عند الإسرائيليين أو في مصر، من سيدفع لتعمير غزة؟ وقد سبق أن ذكر الأثرياء من الدول، وخاصة الخليجية، وقبل أن ينهي القمة طلب من الحضور ترشيح من يرونه لمجلس «الوصاية» الذي لم يحدد اسمه بعد، ولم تناقش مهامه ومدة إدارته لقطاع غزة!
عدم حضور نتانياهو «قمة السلام» كان متفقاً عليه، لتجنب التوقيع والالتزام، فمثله لا يعيش ضمن مسار واضح تحكمه العهود!