بدأت حماس في المماطلة، وعادت إلى ممارسة أسلوبها في العرقلة وإطالة أمد حرب الإبادة، وكأنها مصرة على أن يكون حل أزمة غزة بعد القضاء على شعبها.
المهزوم الهارب يملي الشروط، ويرفض الاستماع إلى من ينصحونه، خاصة المقربين منه -فكراً وتحزباً- ويستغل تمسك الأهالي بأرضهم وهويتهم، ويجعلهم قرابين تأكلهم النار حتى يرضي غروره.
جهود الذين يعيشون الواقع المر أثمرت، وأوجدت خطة ما كان يحلم بها أولئك الذين يفاوضون باسم حماس، وتغيرت مفاهيم كثيرة عند الرئيس الأمريكي، واستُبدلت خطط سابقة بعد الإجماع العربي على رفضها، وبعد تحول اتجاهات العالم من التعاطف مع الدولة العبرية إلى الوقوف مع الشعب المسلوبة أرضه وحقوقه، ولم تتحقق هذه التحولات لأن حماس تقاتل، فهي لا تقاتل، وليس لأن حماس مصرة على مواقفها، فهي لم تحدد موقفاً ثابتاً طول السنتين الدمويتين، ولكنها تحققت بعد أن انفلت المستوطنون في كل اتجاه، يعتدون ويقتلون ويدمرون، ويرسمون خرائط جديدة للمنطقة، ويدعون كذباً بأنها «دولة إسرائيل الكبرى»، رغم أن الصغرى ما زال العالم متردداً في قبولها.
حماس مع كل مقترح عُرض عليها مارست سياسة المراوغة والمماطلة، وعندما يتجاوز نتانياهو حدوده، ويستخدم أدوات القتل التي بين يديه، تعود لتوافق على ما رفضته، ويكون الوقت قد استنفد، ولا إمكانية للعودة إلى الوراء، وما نعرفه، وتعرفه حماس و«إخوان البنا» بأن المفاوضات وإنهاء الأزمات لا تحقق كل مطالب أطراف النزاع، فهناك واقع متغير على الأرض يفرض شروطه -في أغلب الأحيان- وها نحن نرى ونسمع الجناح الإسرائيلي المتطرف يهاجم خطة ترامب التي وافق عليها حليفهم نتانياهو، ونرى بين قادة حماس من يرفض هذه الخطة، وبيننا كثيرون يشككون في بعض بنودها، ولو تمسكنا بكل بند وكلمة فيها، فسنكون مثل «أصحاب البقرة»
وللحديث بقية.