سينالها وإن لم يستحقها

لو كنت مكان لجنة اختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام لأعلنت فوراً فوز دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بها، دون انتظار للتاريخ المحدد للإعلان عن الفائز، ودون فحص للمؤهلات التي يستحق الجائزة بسببها، ودون تدوين درجات في «نماذج» الاختيار، فهو الأول، من بين المرشحين، وهو الأول من بين غير المرشحين، وهو الأول من بين الذين ينوون الترشح مستقبلاً.

أعضاء اللجنة، ومدراء الجائزة، والذين يحتضنون مقرها، جميعهم يعيشون في حالة من التوتر لا يحسدون عليها، الرجل يضغط في كل اتجاه، ويعرض منجزات هو فقط المقتنع بها، وهو على حق، ومن يجرؤ فليقل غير ذلك، يذهب إلى عشاء رسمي فيقول إنه يستحق جائزة نوبل، ويقف في طائرته الرئاسية ويشهد المراسلين المرافقين على تأهله للجائزة، ويستقبل رؤساء الدول ويطلب منهم مخاطبة اللجنة نيابة عن أنفسهم وعن حكوماتهم وعن شعوبهم باستحقاقه الذي لا ينازعه عليه أحد لتلك الجائزة، ويعيد ويكرر بأنه أنهى سبع حروب حتى الآن، ويا ويل من يسأله عن تلك الحروب، فهي من أسرار الدولة، ولا يجوز الإفصاح عنها في العلن، ولكن المصابين بداء الفضول «ينبشون» دفاترهم بعد أن عجزت ذاكرتهم عن الحساب والعد، وحتى «المتفذلكون» الواقعون في حب «غروك» وغيره من مخترعات الذكاء الاصطناعي، خاضوا جميعاً في «بحر ترامب» ولم يصلوا إلى قاعه، كما كان يقول السابقون من أهل البحر، لم يجدوا حرباً أنهيت بعد تدخل الرئيس الأمريكي، حرباً واحدة وليس اثنتين أو ثلاثاً أو سبعاً!

كان الله في عون كل من له علاقة بقرار اختيار الفائز بجائزة نوبل للسلام، فهم تائهون، لا يعرفون ماذا يفعلون، ويتساءلون بكل تأكيد عن مسؤوليتهم الأدبية والأخلاقية، وعن نزاهتهم ومصداقيتهم، فقد وضعوا في زاوية ضيقة، لها مخرج واحد اسمه دونالد ترامب، وهذا شخص لا تنفع معه الشجاعة أو التمسك بالمبادئ، لأنه لا يعترف بها.

والخلاصة أنه سينالها وإن لم يستحقها.