بقي من الزمن ثمانية أيام

ثمانية أيام فقط لا غير، هي الفاصلة ما بين ترامب وكامالا هاريس، ففي الخامس من نوفمبر سيختار الشعب الأمريكي الرئيس الذي سيشغل البيت الأبيض لأربع سنوات قادمة، وقد تكون هذه الانتخابات هي الأصعب من حيث الاختيار، فالأمريكان منقسمون على بعضهم، الجمهوريون خائفون من فوز مرشحهم أو خسارته، والديمقراطيون يخشون من تجربة أول رئيسة لإدارة أقوى دولة في العالم سياسياً وعسكرياً واقتصادياً.

أما العالم فهو عاجز عن التفكير، وما عليه إلا الانتظار، فالصناديق هي التي ستتحدث فجر الأربعاء بعد القادم بتوقيتنا المحلي، وأي تقارب في الأرقام الحاسمة قد يحدث انفجاراً تتطاير شظاياه نحو الجميع، فهم في الولايات المتحدة يتكلمون عن وجوب حيادية العالم وعدم تدخله في الشأن الداخلي، ويتناسون بأن بلادهم لها في كل بقاع العالم «مسمار» مثل «مسمار جحا» يمنحها فوق التدخل هيمنة مطلقة في البر والبحر والجو!

ومع ذلك لا يرغب العالم في اختلال الأمن والاستقرار لهذا البلد العظيم، وأحداث انتخابات 2020 مازالت عالقة في الأذهان، فالاختلاف الذي حدث بعد الفرز وإعلان تأجيل بعض النتائج لم يكن ديمقراطياً، بل فوضوياً إلى درجة احتلال أتباع ترامب مبنى البرلمان، وهروب «نانسي بيلوسي» والنواب من الممرات السرية، وقد يتكرر ذلك، وبشكل أكثر عنفاً، فما تم تداركه من صدام مباشر قبل أربع سنوات قد يعجز العقلاء عن تداركه الآن!

هذه انتخابات غير عادية، منذ انطلاقتها وهي تنذر بالخطر، فقد تلاعبت الأهواء بمجرياتها، عندما عُرقلت عمداً حملة ترامب الانتخابية، وسحب إلى المحاكم في قضايا مصطنعة، وتلاعبت مؤسسات إنفاذ القانون في مساراتها، ولم يخسر المرشح، بل زادت شعبيته، واختار الجمهوريون ترامب لسباق الرئاسة، فكانت محاولتا الاغتيال الفاشلتان، ومن ثم تغيير مخططات الحزب الديمقراطي، فأجبر جو بايدن على الانسحاب من سباق الرئاسة، واتفق الجميع في ذلك الحزب على ترشيح نائبة الرئيس لخوض الانتخابات في مواجهة ترامب، وهي المواجهة التي قد تشكل لحظة من اللحظات الفارقة في تاريخ البشرية، وليس التاريخ الأمريكي فقط.