ما زالوا مرضى

أحداث تشد الانتباه، وكأننا وسط قاعة سينما، منبهرون، لا نستوعب ما يحدث في كثير من الأحيان، ونحاول بقدر المستطاع أن نجمع الخيوط ونربطها ببعضها البعض، وتأبى، محدثة فوضى، وهي ليست خلاقة أو إبداعية، وليست مبرمجة أو تحت السيطرة، ولا نجد فرصة للتفكير في النهاية، وربما لا نريد أن نفكر فيها حتى لا نلحق بالمؤلف والمخرج في «دار المجانين»!

هناك عقول مريضة، مصابة بداء عضال، تصر على التوقف عند زمان تجاوزته البشرية، وتبرأت منه، زمان كانت الأحقاد هي السائدة فيه، وكانت الكراهية العمياء، ولم يشفهم التحضر، ولا الذهاب إلى القمر.

ولا اكتشاف بواطن الأرض وأعماق البحار، بقع سوداء انتشرت داخل عقولهم التي تفكر وقلوبهم التي تحب وتبغض، وأيديهم التي تحمل السوط والبندقية والقنابل النووية، وتحرك قطع الشطرنج حسب قوانينها، ولا تتردد في تمزيق القوانين التي يفترض بأنها تحكم المسار الدولي.

دم يراق، وأرواح تزهق، وأطفال ونساء تنتهك حرمتهم، وهم سعداء، والجالسون في قاعة السينما يصفقون لهم، ويشيدون بحبكتهم، وبإبداعهم في نقل الأحداث من بقعة إلى أخرى، حتى يفرح تاجر السلاح بمبيعاته، وتاجر المخدرات بممرات التهريب المفتوحة له، وصاحب الذهب بارتفاع أسعاره، وأصحاب الأسهم في بورصات العالم الكبرى بأرباحهم، والمخرج يوزع الأدوار ولا ينسى نصيبه!

يشدنا المنظر، نريد أن نعرف النهاية، والنهاية تائهة مثل البداية، ومن وعد إلى وعد نتنقل، ومن مفاجأة إلى مفاجأة نقضي أوقاتاً، وفي كل يوم تسقط شعلة من النار لتحرق وتدمر وتشرد، وفي كل يوم يقال إن حدثاً كبيراً آتٍ في الطريق، وما زال الفيلم الهوليوودي الطويل مستمراً!