هناك ملاحظة جديرة بالاهتمام، فهي تستحق من يتابعها، ويوثق المعلومات المرتبطة بها، ليكشف أولئك الذين اختفوا عن الأنظار، وكأن الأرض بلعتهم!
إنهم أولئك الذين كانوا يصرخون في الأبواق، ويلطمون وجوههم بعد السابع من أكتوبر، وكادوا أن يشقوا ثيابهم، في مشاهد سوقتها تنظيماتهم، فاستعانوا ببعض الهاربين المتجنسين بأوروبا، وغيرها من البلاد التي تحتضن أمثالهم، وأنتجوا أفلاماً بعد أن تلاعبوا بخلفياتها، فأخرجوها وكأنها من داخل غزة، تتطاول على الجميع ما عدا من ينتمون إلى الفئة الشاذة المنحرفة، وسخّر التنظيم الدولي قنواته التلفزيونية، وحساباته الوهمية على وسائل التواصل، ولم يتركوا أحداً بعيداً عن شتائمهم وسبابهم، قبل أن يسقط من سقط ويجرح من جرح، وتتكدس حالات المرضى الذين لا يجدون دواء أو مستشفى يعالجون به، وحركوا بعض الأتباع في دول عربية لبضعة أيام، ثم غابوا.
أولئك هم الإخوان، أصحاب الاستثمارات المليارية في أفريقيا والحسابات السرية في أوروبا وجزر الكاريبي، عندما جد الجد لم نجد لهم أثراً، لم يرسلوا خيمة لأسرة تعيش في الخلاء، ولم يعلنوا عن تسيير شاحنة مساعدات واحدة أو يبعثوا طرداً به دواء يسعف طفلاً.
عند الشدة تكشف معادن الرجال، وتنكشف الأردية البالية عن الجبناء المتخاذلين، أشباه الجرذان الباحثة دوماً عن جحور تختبئ خلف ظلامها، أشعلوها ناراً وتركوا الأبرياء العزل تحت رحمة عدو لا يرحم، ولم يمدوا يد العون لطفل بحاجة لشربة ماء، ولم يسعفوا مسناً أعجزته السنون ومؤامرات المتحزبين وقسوة الكارهين، ولولا من سخرهم الله لكانت مأساة غزة أشد وقعاً، وكان ضحاياها قد بلغوا مئات الألوف، ولكنهم تواجدوا هناك بما أنعم ربهم عليهم من خير، لم يبخلوا بالجهد والمال، ولم ييأسوا من محاولات الوصول إلى شعب لا ذنب له يموت تحت نيران أحقادهم، رجال لا يدعون البطولة وهم الأبطال، ولا يمسكون الخير عن المحتاجين لأنهم أخيار، يداوون المرضى، ويسقون العطشى، ويطعمون الجوعى، وينقلون الجرحى في عمليات إجلاء إلى حيث تكون الرعاية ويكون العلاج، رجال الشهامة، قادة بلادنا، نبع الخير الذي لا ينضب، حفظهم رب العزة، وأطال في أعمارهم، وسدد خطاهم.