النخبة السياسية والعسكرية الإسرائيلية التي ذكرتها بالأمس هي المشكلة، فكرها الاستعماري التوسعي المبني على «خرافات» متوارثة، كان ولا يزال هو العائق الذي يقف في وجه كل الحلول لإنهاء مأساة فلسطين.
تتبدل الأسماء، ولا تتغير المعتقدات، نتنياهو نسخة من شامير وإيهود باراك وبيغن وغولدا مائير ودايان، جميعهم تخرجوا في مدرسة الميليشيات المسلحة، مثل بن غفير، الذي يقود عصابات المستوطنين هذه الأيام، ويسعى بكل ما يملك من نفوذ سياسي وديني، إلى ضم الضفة الغربية لدولته، التي تزداد هشاشة نتيجة أفعالها، ومن خلفهم جميعاً رجال دين متعصبون، يضعون أنفسهم وملتهم في مكانة عليا، وبقية الملل في مكانة أدنى، ويشحنون أجيالهم بهذا الفكر العنصري، معتقدين بأنه السبيل الوحيد لإثبات وجودهم.
والمشكلة أن الغرب يعرف ذلك، ولديه قناعة تامة بأن عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، سببه إصرار إسرائيل على التوسع، وتحقيق أحلام بعيدة عن متناول أيديهم، ولا يتدخلون بنوايا صادقة، بل يزيدون النار حطباً، عن طريق إرسال السلاح المتطور لإسرائيل، مع المساعدات والدعم المالي، لنشر الفوضى، ليسترزقوا منها، وربما تكون أهدافهم تحققت في فترات معينة، ولكنها لن تستمر، ولن يستطيع نتنياهو أو غيره من القيادات المتطرفة، أن يحقق الدولة الممتدة من الفرات إلى النيل، كما تشير الخريطة المرسومة خلف مكتب رئيس الوزراء التوسعي، وتجربة سيناء والضفة الشرقية لقناة السويس وخط بارليف، أعتقد أنها لا تزال عالقة بذاكرتهم، ومواقف الأجيال اللاحقة لعام 1967، تعلم من لا يتعلم، وتوقظ ضمائر نائمة أو معطلة عن قراءة الواقع.
المشكلة ليست في حماس، فهذه حركة صنعت في الخارج، واستخدمتها القيادات الإسرائيلية لضرب منظمة التحرير، وهي اليوم تحتضر، وغداً تختفي، كما اختفت غيرها منذ 67 وحتى الآن، وسيأتي من يقض مضاجع النخبة الحالمة بالتوسع.