عن أي نصر يبحث؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

نتطلع إلى الحراك السياسي والدبلوماسي على المستوى الدولي، ونتأمل خيراً، فقد تنجح المساعي لوقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب غير المبررة، وعودة السكان إلى مناطقهم المهدمة في قطاع غزة، والإفراج عن المخطوفين من قبل حماس.

هناك مؤشرات، وأحاديث إيجابية، كلها متفائلة بتقدم هادئ نحو اتفاق توضع لمساته الأخيرة في قطر، بعد أن توصل اجتماع باريس إلى ما يسمى بتحديد الخطوط العريضة، ولم يبقَ غير توقف حماس عن الاعتقاد بأنها انتصرت في السابع من أكتوبر، وتراجع نتنياهو عن فكرة النصر الشامل في غزة، فهذا القطاع الذي عبثت به جماعة استغلال الفرص، ليس بساحة حرب، بل ما نراه أن جيشاً مزوداً بأكثر الأسلحة تطوراً، يقاتل أفراداً، وينتقم من المدنيين.

نتنياهو لم يعد يملي الشروط على العالم كله، وقد أخطأ عندما اعتقد بأن حرباً شرسة فيها تقتيل وتشريد وتجويع، يمكن أن تبرئه من المساءلة عن الذي حدث في السابع من أكتوبر، فهو المقصر، ومعه فريقه المتطرف، وخسر في اندفاعه الكثير، وتكفيه المكانة الخاصة التي كانت عليها دولته، والخوف والحذر الذي كان يمثله وحكومته لحكومات دول كبرى، كانت تستجدي رضاهم، وخلال الأشهر الأربعة الماضية، فقدت سلطة الاحتلال ما لا يمكن استرجاعه لسنوات قادمة، ونتنياهو ما زال يتحدث عن النصر.

حتى وهو يتفاوض على الهدنة المحددة بستة أسابيع، يتحدث رئيس وزراء إسرائيل عن هجوم مدمر لمدينة رفح، فور انتهاء الهدنة، ويكرر كلمة النصر، ويعرقل كل ما يطرح عليه، محاولاً أن يخرج بأكبر قدر من الفوائد، حتى تحسب له عند المساءلة، وربما ترفع رصيده، فيحصل على حصانة جديدة، تجنبه تبعات الاستدعاء والتحقيق والمحاكمة، وهو هنا مخطئ للمرة الثانية، أو العاشرة، فالكبار الذين وقفوا خلفه دون شروط في البداية، أصبحوا مترددين، وباتت سمعتهم السياسية في موقف محرج، وهم الذين يضغطون عليه اليوم، حتى يخرج نفسه ويخرجهم معه من «الورطة» الدولية التي وجدوا أنفسهم في وسطها.

ننتظر نتائج المشاورات في واشنطن والدوحة والقاهرة ورام الله وباريس، ننتظرها مع العالم كله، علها تثمر!

Email